بكل أسف، ما خفنا منه حصل. منذ سنة أو أقل بقليل والإعلام يقوم بحملات توعية وينبه. حملات التوعية توجهت الى الناس لحضهم على البقاء في منازلهم واتخاذ الاجراءات الوقائية الكفيلة بمواجهة الجائحة الخبيثة القاتلة. أما التنبيه فللمسؤولين كي يتحملوا مسؤولياتهم ولا يستخفوا كالعادة بحياة المواطنين، أي أن يكونوا ولو لمرة واحدة على قدر المسؤولية الملقاة عليهم. في البدء سارت الأمور كما يجب، بحيث أمكن القول إن اللبنانيين والمسؤولين نجحوا في مواجهة الموجة الاولى من الجائحة. اليوم، المشهد تغير جذريا. ففي الموجة الكورونية الثانية، الاستهتار عند الناس هو سيد الموقف، يقابله “استلشاق” من قبل عدد لا بأس به من المستشفيات الخاصة، وهذا يتوج بتخبط وضياع ولا قرار عند المسؤولين. لذا غير غريب أن يقترب المشهد الطبي- الاستشفائي في لبنان من المشهد الايطالي. فما رصدته كاميرا ال “أم تي في” اليوم في بعض المستشفيات مخيف ومحزن. هل معقول أن يعالج مرضى كورونا في السيارات لأنه لم يعد هناك من غرف في المستشفيات ؟ وهل معقول أن تتحول بعض الكوريدورات وحتى الهنغارات الى بدل عن ضائع لقسم العناية الفائقة ؟ فمن المسؤول يا سادة ؟ وهل تتحملون مسؤولية قتل الناس بدم بارد ولا مسؤولية فاقعة فاجرة؟.
إن المشهد المأساوي الذي أصبحنا عليه، يحتم تحديد المسؤوليات. وإذا أردنا أن نكون منصفين فإن المسؤولية تتوزع على ثلاثة أطراف: أولا، على ناس لم يبالوا بالتنبيهات وبالتحذيرات، فضلوا مثلا التمتع بسهرة رأس السنة بدلا من أن يتمتعوا بصحتهم طوال أيام السنة. والمسؤولية ثانيا على بعض المستشفيات الخاصة التي لم تكن على قدر رسالتها الاستشفائية. هكذا وبدلا من أن يبقى لبنان كما كان دائما مستشفى الشرق، ها هو على طريق أن يصبح مقبرة الشرق والغرب معا. أما المسؤولية الكبرى فتقع على الحكومة مجتمعة، وتحديدا على المسؤولين المعنيين بمواجهة كورونا، بدءا بالمجلس الاعلى للدفاع، مرورا برئاسة مجلس الوزراء، وصولا الى وزارة الصحة ووزارة الداخلية. أيها السادة، لقد عالجتم جائحة قاتلة باستخفاف قياسي، فأثبتم أنكم متقاعسون وجاهلون وفاشلون، ومع ذلك تصرون على الظهور دوريا على وسائل الاعلام. فيا ليتكم تعملون بقدر ما تتكلمون، ويا ليتكم تفعلون وتتحركون وتنفذون بقدر ما تدعون وتنظرون وتتفلسفون. أيها المسؤولون: أعلنوا غدا الاقفال العام الشامل ابتداء من الاثنين المقبل، والا فأنتم متهمون بقتل الناس عمدا وعن سابق تصور وتصميم.. وللحديث اليكم تتمة, فانتظروها.