انها دولة الفشل، وفي دولة الفشل كل شيء وارد.
فمن أين نبدأ؟ هل من المستشفيات التي تغص بالمرضى والمصابين بالكورونا؟ أم من الجيش الابيض المكون من اطباء وممرضين وممرضات، استنفدوا كل قواهم، بعدما واجهوا طويلا باللحم الحي؟. أم بعدد الاصابات والوفيات المتزايد ولا ينبىء بالخير؟ أم بآلات الاوكسيجين التي صارت نادرة، وربما اقل من المطلوب، لذا نشطت عملية بيعها في السوق السوداء؟…
ولو شئنا تعداد كل الفضائح، فان لائحة العار السوداء تطول. لذلك سنتوقف هنا، لكن لا لننسى او نتناسى… بل لنتذكر.
ففي مطلع العام 2020 راج مفهوم النموذج الايطالي، واصبح مرادفا لعدم قدرة المستشفيات على استيعاب المصابين. ترى ما يحدث لنا؟ اليس مقدمة للدخول في ما يشبه النموذج الايطالي؟ لكن الفرق كبير.
فايطاليا عانت ما عانته في بدء الجائحة، في وقت لم تكن الدول قد أخذت احتياطاتها وعززت وضع مؤسساتها الصحية والاستشفائية.
أما عندنا فالفضيحة مدوية. فالجائحة أعطت مهلة خمسة اشهر كاملة للمسؤولين كي يستعدوا ويعدوا المستشفيات والمراكز الطبية… ومع ذلك، لم يتحركوا كما يجب. لماذا؟ هل لأن الدولة استنفدت وسلبت وسرقت حتى النهاية، ولم يعد من مجال للصفقات والسمسرات؟ الارجح ذلك…
المهم ان التقصير وقع ووصلنا الى الموجة الثانية من كورونا من دون تحضير كاف، ومن دون اعداد حقيقي للمواجهة… والتقصير مستمر.
فالمجلس الاعلى للدفاع اعلن حال الطوارىء الصحية، لكنه لم ينفذ الا بندا واحدا من بنودها هو حجر الناس في المنازل. فاين التدابير الاخرى والمهمة، ومنها استدعاء الاطباء والممرضين المتقاعدين، وانشاء مستشفيات ميدانية واشراك المجتمع المدني في مواجهة الجائحة؟ مرة جديدة انهما الاهمال والفشل اللذان بلغا هذه المرة حد الجريمة الموصوفة. سياسيا، عاد الحريري الى لبنان، لكن عودته لزيارة قصر بعبدا تبدو شبه مستحيلة في الظروف الراهنة. فكل المحركات السياسية متوقفة عن العمل، ولا تطورات تذكر على الاجندة الحكومية.
وفي مقابل المراوحة المحلية تطور اقليمي بارز. فسوريا، وفق معلومات متقاطعة، تجري محادثات سرية مع اسرائيل. وثمة معلومات تشير الى ان الرئيس بشار الاسد يبدي استعدادا للسلام مع اسرائيل ولاخراج ايران وحزب الله من سوريا مقابل ضمانات تتعلق باستمراره في الحكم. فهل نعيش بدء زمن الافتراق الاستراتيجي بين سوريا وايران؟ وما انعكاس هذا الامر على توازن القوى في لبنان، بخاصة وان حزب الله سيكون المتضرر الاكبر مما يحصل؟ في المنطقة انه زمن تغييرالتحالفات والدول… فلنحفظ رؤوسنا!