للمرة الثانية في أقل من نصف سنة: البطريرك مار بشارة بطرس الراعي هو الحدث. في 17 آب الفائت أعلن البطريرك الماروني من الديمان مذكرة لبنان والحياد الناشط، فأطلق دينامية جديدة في الحياة السياسية اللبنانية، لا تزال تردداتها تسمع. اليوم، ومن بكركي أطلق الراعي مبادرة جديدة تخطت الأولى وتجاوزتها، عنوانها: مؤتمر دولي خاص برعاية الأمم المتحدة، وهدفها تثبيت لبنان في أطره الدستورية الحديثة، ووضع حد لتعددية السلاح.
مبادرة الراعي غير المسبوقة والفائقة الأهمية، تأتي في ظل وضع مأسوي يعيشه لبنان واللبنانيون. فالوطن معطوب سياسيا، ومستهدف أمنيا، ومنهار إقتصاديا، ومحاصر قضائيا، ومنهك إجتماعيا، ومستنفد صحيا ومضروب إستشفائيا، ومشلول تربويا. كل هذا والدولة غائبة، والمسؤولون منفصلون عن الواقع كأنهم يعيشون على كوكب آخر، أو كأنهم آتون من دنيا أخرى. من هنا أهمية خريطة الطريق التي رسمها البطريرك الراعي في عظته.
فما دام المسؤولون يتعاطون مع الواقع بهذه الخفة، بل بروح إجرامية، فإنه لا بد من التوجه إلى المجتمع الدولي طلبا للمعونة والخلاص. ولعل في ما يحصل في جريمة المرفأ خير دليل على ذلك.
اللبنانيون مثلا وثقوا بقضائهم، وانتظروا الكثير من المحقق العدلي “فادي صوان” معتقدين أنه سيسير بحزم وثبات لمعرفة من خطط ومن نفذ، ومن تواطأ ومن سكت في جريمة المرفأ. لكنهم سرعان ما اكتشفوا أن رهانهم على صوان في غير محله للأسف. يكفي أن نذكر أن صوان مستنكف عن التعاطي بالملف منذ شهر على الأقل. فهل الكورونا هو السبب، أم هناك أسباب اخرى؟، في الحالين ومهما كان الجواب، الثابت أن الثقة بصوان بدأت تنهار، لذا ترتفع الأصوات اليوم مطالبة بإحالة قضية اغتيال لقمان سليم على مرجعية قضائية دولية. وهذا يثبت أن البطريرك الراعي على حق.
فالدولة اللبنانية ضمير ميت، وفي ظل منظومة سياسية فاسدة ومجرمة لا يمكن تحقيق الخلاص. فلنعترف: لبنان دولة فاشلة بسبب مسؤوليها، والمطلوب تدخل دولي قوي ومباشر لمنع لبنان من السقوط نهائيا، ولبناء لبنان الجديد. فهل من يستجيب لدعوة بكركي، المؤسسة للكيان، وذلك قبل فوات الاوان؟.