بدلا من انتقاد دعوات البطريرك الى تدويل الأزمة، أفحموه بتشكيل حكومة مهمة، أسكتوه بإقامة دولة العدل والقانون، أعيدوه الى دور الراعي بالمفهوم الكنسي الضيق، بأن تؤمنوا الدواء والغذاء والأمن، بحيث لا يموت الناس جوعا أو مرضا أو بمسدس فاجر . لبننوا انفسكم وأعيدوا للبنان سيادتـه وأخرجوه من سوق النخاسة الإقليمي والدولي وحافظوا على دوره ورسالته. ولأولئك الذين تغضبهم دعوات البطريرك الى الحياد والرعاية الدولية، وهو ينطق باسم الأكثرية الساحقة من اللبنانيين ، نسأل : هل تركتم بصيص امل واحد بحل وطني بلدي عاقل يرى النور قبل موت الشعب وفناء الدولة ؟ طبعا لا . علما بأن كل المرجعيات الأممية والدولية والعربية والفاتيكان ترجوكم بأن تبتدعوا حلا لائقا صنع في لبنان ، ولكن عبثا يرجونكم و يتوسلون . وللذين يشككون في وطنية البطريرك ، ها هو البابا فرنسيس يلاقيه، بإطلاقه صرخة مدوية امام السلك الدبلوماسي المعتمد لدى الكرسي الرسولي، تمنى فيها أن يشهد لبنان التزاما سياسيا وطنيا ودوليا يساهم في تعزيز الاستقرار في بلد يواجه خطر فقدان هويته الوطنية والانغماس في التوترات الإقليمية، معتبرا أن محافظة بلاد الأرز على هويتها الفريدة يسهم في ضمان شرق اوسط تعددي متسامح ومتنوع يقدم فيه الحضور المسيحي إسهامه ولا يقتصر على كونه اقلية فحسب . ودعا البابا الزعماء السياسيين والدينيين الى وضع مصالحهم الخاصة جانبا والتزام تحقيق العدالة وتحمل نتائج أفعالهم . توازيا وللمفارقة ، تراهن المنظومة المتحكمة على ما يطبخ للبنان من حلول في الخارج، وعلى مفاوضات أميركية إيرانية قد تحصل أو قد لا تحصل، وهذا في عرفها ليس تدويلا، فيما البلاد تتخبط بالكورونا والجوع، وسط ترقب غير مريح لوصول اللقاحات وللخطة الرسمية المعتمدة للتخفيف التدريجي لقيود الإقفال، بينما يتواصل ارتفاع عدد الوفيات والمصابين وقد بلغ القطاع الطبي والاستشفائي حد الانهيار .. وفي زمن رحيل الكبار عن لبنان، غادر جان عبيد الساحة الوطنية بكبر ، هو الذي عاصر كل الأزمات وكان فيها الوسيط الأمين والمستشار المخلص ، واضافة الى تركه مقعد طرابلس النيابي شاغرا، ترك جان عبيد لبنان وترك أصدقاءه ومحبيه وندماءه وعائلته قسرا، وهم في امس الحاجة الى المشورة والنصح والدعم والمحبة