اليوم بدء الصوم الكبير لدى الطوائف التي تتبع التقويم الغربي. في المناسبة، ومن دون استشارة الرب أو ممثليه على الأرض، يمكننا الجزم أن الأكثرية الكاسحة من اللبنانيين هي في حل كنسي ومدني من هذا الفرض.
الجوع أسبق واعلى مرتبة من إماتة الذات طوعيا بحرمانها الأطايب والمحليات، فإذا كانت هذه الشريحة العريضة من اللبنانيين صارت تشتهي العضة في الرغيف، فمن أين لها أن تتقشف نفسيا ومعويا، وقد صار الصوم بالنسبة اليها ترفا لا قدرة لها على تحمل كلفته.
هذا في ما خص الشعب العادي المكسور على كسرة خبز، اما بالنسبة إلى الطبقة السياسية فالمعطى يختلف تماما.
هذه الفصيلة التي تتحكم برقاب الناس العاديين، لا تصوم ولا تصلي، وهي بالطبع لا تمارس إماتة الذات كسبا للآخرة، بل وضعت في صلب عقيدتها الإيمانية عبادتها لذاتها لا للخالق.
إذا، واثنين الرماد كما الأضحى لا يعنيان لها شيئا، هي التي نذرت بأن تحول لبنان رمادا وأن تضحي بشعبه حتى آخر مؤمن بالبقاء فيه.
قد يقول البعض إننا نفرط في التشاؤم، لكن بربكم في أي منزلة وتحت أي وصف، غير الكفر والهرطقة، يمكن تصنيف السجال الجاري بين بعبدا وبيت الوسط منذ الأمس، وهل بهذا الكلام الموتور المتعالي الخالي من الوقائع يمكن الرد على اللوائح الملونة والمرقمة التي لوح بها الرئيس الحريري؟، وأي ابليس هو هذا الذي يندس في كل مرة بين الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية فيضرب ويمزق العلاقات في عمق نسيجها وينسف كل الجسور؟، وهل هو فاتح على حسابه أم يتكلم باسم مرجعيته؟.
لن نحصل طبعا على جواب، وكل الدلائل تؤكد ألا حكومة، لا الان ولا في المدى البعيد، وإن شكلت فستكون مأزومة فاشلة على شاكلة العلاقات المريضة القائمة بين مكوناتها.
من هنا، فإن أصدقاء لبنان يتوقعون الأسوأ لنا على كل الصعد، ولن ينفع لا تحقيق جنائي ولا تحقيق محاسبي ولا فتح دفاتر الاختلاس والسرقة طالما الجناة يديرون التحقيقات ويشرفون عليها.
وسط هذه الفوضى، بدأت حملة التلقيح ضد الكورونا رسميا، وهي على صغر دائرتها حتى الساعة يمكن وصفها بالمقبولة.
الجيد المسجل في الإطار، ان نسبة الإقبال على التسجيل ترتفع ومعها تنخفض نسبة المشككين بجدوى اللقاحات، لكن السباق يبقى محموما بين التعجيل في التلقيح وتكثيفه والتراخي الفوضوي الذي يضعف بل يضرب تدابير الحجر والإقفال…