بعدما بلغ التراشق الجنبلاطي- العوني حد الانفجار، الاسئلة تطرح بقوة في الوسطين السياسي والشعبي، من أين ستأتي الحلول لاخراج عملية تأليف الحكومة من الهوة التي سقطت فيها؟ ومن هو صاحب الرأي المسموع والراجح الذي بمقدوره ان يفرض على المتقاطرين القبول بوساطته المنقذة وبعدالة تحكيمه؟
الاجابة صعبة جدا بل مستحيلة، فلا الدستور مسموع بعدما صار وجهة نظر، ولا القائد موجود لأن اتفاق الطائف جعل اللبنانيين أشبه بجيش من الضباط برتب متساوية لا متقدم فيهم يأمرهم، واذا تكلمنا عن الاشتباك الاشتراكي العوني، ليس لأنه الوحيد بل لأنه الاكثر عنفا، فالعقد الاخيرة كبيرة ايضا وعصية على الحل، لكن ما يجعلها في الصف الثاني انها تعبر عن نفسها بضجيج أقل، وإذا التفتنا الى حل او الى وساطة يأتياننا من الخارج، فالواقعان الاقليمي والدولي ينفيان هذا الاحتمال، كيف لا ودول هذا الكونسورتيوم المعنية منذ الطائف بفرض الحلول والتسويات على لبنان تقتتل في ما بينها ولبنان جزء من حلبة الصراع.
اذا ما سنشهده من حراك في الايام المقبلة لن يتضمن جهودا لتسريع التأليف، بل سنشهد عملية ربط نزاع على صفيح ساخن بين “الاشتراكي” و”التيار الحر”، فقيادة “التقدمي” تلقت كلمة سر من رئيسها بضرورة التوقف عن كل ما يسهم في زيادة التوتر، وبعكس ما اشيع فإن لا نية لدى جنبلاط بكسر الجرة مع العهد، بل هو باق في عملية التأليف وسيظل متمسكا بالثلاثية الوزارية الدرزية.
توازيا، بدأ الاعصار زهران بالانحسار بعدما تم احتواء الأزمة التي كاد ان يتسبب بها للعلاقات اللبنانية- الكويتية، كذلك تم تأجيل السوبر أزمة التي كادت تطيح الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي وذلك من خلال وقف العمل بالضريبة المقطوعة الى العام 2020، لكن التخلص من الازمات الاكسترا لا يعني ابدا ان الحلول قد وجدت للأزمات المقيمة كالمدارس والمعلمين والبيئة والوضع الاقتصادي المتردي، فهذه لا يمكن تأجيلها ولا يمكن حلها من دون حكومة كاملة متنغامة الصلاحيات، ولكن من أين نأتي بها؟.