كل يغني على 14 آذاره!… “التيار الوطني الحر” استعاد ذكرى 14 آذار على طريقته، فأطلق رئيسه جبران باسيل الورقة السياسية، وهي لم تقدم اضافة تذكر على أدبيات التيار، بل عمقت الالتباسات القائمة في مواقفه.
من الالتباسات، عودة باسيل الى الحديث عن التحييد لا عن الحياد. علما أن الفرق كبير بين الإثنين. فالحياد الذي يطالب به البطريرك الراعي، صيغة قانونية ثابتة محمية دوليا، فيما التحييد موقف سياسي متغير.
التباس ثان هو حديث باسيل عن ضرورة الوصول الى استراتيجية دفاعية. فمسؤولية من هذا الامر؟. ألا تقع المسؤولية الكبرى لعدم تحقيق هذا الامر على رئيس الجمهورية، مؤسس “التيار”؟.
ومن الالتباسات ايضا، حديث باسيل عن المشرقية. فماذا تعني المشرقية تاريخيا وجغرافيا وسياسيا واقتصاديا، وما مفهومها؟ ألا تؤدي في النتيجة الى الانفصال عن العروبة كخيار مبدئي، وكشبكة مصالح والرهان على المجهول؟. والاهم: ألا يتناقض طرح التيار مع الدستور اللبناني الذي ينص على أن لبنان بلد عربي الهوية والانتماء؟.
في المقلب الاخر، الوضع ليس أفضل حالا. فقوى 14 آذار بدت كأنها تخلت عن الذكرى او فضلت الانزواء والانكفاء. ولولا تغريدات وتصريحات أطلقها بعض رموز 14 آذار، لبدت الذكرى يتيمة وكأن لا أب لها، بل حتى كأن أحدا لا يريد ان يتبناها. والسبب في ما يتعلق بقوى 14 اذار واضح: فهي مشتتة، مشرذمة، لا تتفق على رؤية واحدة، ولا على خطة عمل. اي أنها مختلفة تكتيكيا واستراتيجيا.
توازيا، واصل البطريرك الراعي دعوته الى الحياد والمؤتمر الدولي. واللافت اليوم تشديده على السلاح غير الشرعي، حيث أعلن أنه “لا يجوز تشريع او تغطية وجود أي سلاح غير شرعي بجانب سلاح الجيش”. في القراءة السياسية هذا يعني، أن من راهن على تغيير ما في مواقف البطريرك، نتيجة إعادة تفعيل اللجنة التي تتولى الحوار بين بكركي و”حزب الله”، قد خسر الرهان.
كما ان المواقف المتقدمة للبطريرك الراعي، تؤكد تشبث البطريرك الماروني بالأصل: أي بالطائف الذي تحول دستورا. والذي شدد على وحدانية السلاح في لبنان.ألا يعني كل هذا أن بطريرك الحياد صار أيضا بطريرك السيادة والحرية والاستقلال، بل صار بطريرك استعادة روح ثورة 14 آذار، وأنه لن يتراجع قبل تحقيق الاستقلال اللبناني الثالث؟.