بقدرة وسيط قادر لم يصب التقاصف بين الرئاستين الأولى والثالثة خيط المصلحة المتهالك الذي لا يزال يربط بينهما . وها هو الرئيس المكلف ينفض الغبار عن همته ويكتم غضبه ويتوجه للمرة السابعة عشرة الى بعبدا حاملا المغلف الشهير .
وما أدراكم ما تأثير المغلف على معنويات الصحافيين خصوصا واللبنانيين عموما ، علما بأنه ، وحتى الساعة ومنذ خمسة أشهر ، لم يحمل مضمونه المبهم شهادة ولادة للحكومة المنتظرة ، بقدر ما شكل تأكيدا على ربط النزاع المستفحل ، وعنوانا للخلاف العميق بين المرجعتين.
هذا في الشكل ، أما في مضمون اللقاء الرئاسي ، فهو لم يحمل الجديد المتوقع من عموم اللبنانيين ، أي انفجار الخلاف بين الرجلين على خلفية ما حصل أمس ، إذ حرص الحريري على امتصاص توتر البارحة ودفنه ، قبل أن يؤكد على تشكيلة ال 18 وزيرا من دون ثلث معطل .
بعدها جرى استعراض النقاط الخلافية المتمثلة في توزيعة الحقائب طائفة وانتماء ، ومن يسمي الوزراء الاختصاصيين غير الحزبيين ، وقد شدد الرئيس عون على دوره كشريك في الطبخة الحكومية وأكد أن من حقه تأمين ميثاقية التشكيلة في غياب التيار الوطني الحر والقوات .
وبدلا من ختم اللقاء على زغل وزعل ، ضرب الرجلان موعدا للقاء الإثنين. لحظة التجلي مردها بحسب المتابعين، الى إطفائية اللواء عباس ابراهيم، جملة عوامل: أولها ، الأوضاع الاجتماعية-الاقتصادية المالية التي أفقدت الناس صوابهم واستدرجتهم الى الشوارع بحثا عن الغذاء والدواء والمحروقات، وقدارتدت التحركات طابعا أمنيا مقلقا.
ثانيها، الضغوط الدولية المواكبة للمخاض الحكومي ، والتي عبر عنها الرئيس الفرنسي بوضوح عندما قال : إننا نحتاج الى الى تغيير النهج والأسلوب في الأسابيع المقبلة فيما يتعلق بلبنان ، وقد فسره المراقبون بأن فرنسا والدول الأوروبية ستنضم الى واشنطن وستفرض عقوبات صارمة على القادة اللبنانيين الذين تعتبرهم مسؤولين عن الكوارث التي تحل ببلدهم .
كل هذا وسط معلومات عن أن دول الخليج ستعتمد النهج الصارم نفسه. وفي سياق معاكس لم يعرف أي تأثير سيكون على الواقع الحكومي ، لاعلان وزير الدفاع الايراني ان ما يجري من تحركات احتجاجية في لبنان والعراق ، هي خطوات معادية لإيران .