سورياليا تجريديا بدا المشهد السياسي الرسمي أمس، الجمهورية بشعبها الجائع ومؤسساتها العرجاء كانت منهمكة بزيارة الرئيس المكلف رئيس الجمهورية متأبطا مغلف الفرج المزعوم، عله يحمل في طياته شكل الحكومة العتيدة وأسماء الوزراء.
اللعبة حتى الساعة كانت مدنية متكافئة ومألوفة وتركت باب أمل ولو صغيرا رغم التعارضات بين المرجعيتين.
لكن، فجأة تكلم السيد حسن نصرالله، وأقل ما يقال في خطابه انه جاء أشبه ببلاغ رقم واحد، إذ وبسلسلة مواقف متناسقة كما تنسق نيران المدفعية وبطاريات الصواريخ، نقلنا بلمح البصر الى النموذج الإيراني. فبدا وكأنه المرشد الأعلى، أي أن أمام كلامه تسقط كل الكلمات وتنحني المؤسسات برجالها، وتطوى صفحات الدستور، إذ منح نصرالله الرئيس المكلف حتى الإثنين لتشكيل حكومة الاختصاصيين، غير المقتنع بها، أي أنها لن ترى النور، تاركا للحريري خيارا من اثنين: إما تشكيل حكومة سياسية كاملة الدسم أو الرحيل.
هذا الموقف نسف مبادرة الرئيس ماكرون و تفه مفاعيل المساعي الروسية الرديفة ورد اللعبة الى عصمة الضاحية . بعدها صوب السيد نيرانه الى حاكم المركزي و أنذره بضرورة تخفيض الدولار متهما إياه بأنه من يرفع سعره ، وقد سمع رياض سلامة الكلام نفسه في بعبدا اليوم .
ومن ثم ارتد السيد حسن الى الداخل فأمر القوى الأمنية بمنع إقفال الطرقات وبفتحها بالقوة وإلا اضطر الحزب الى فتحها بوسائله الخاصة ، وهنا أيضا المشهد مستنسخ من الجمهورية الإسلامية الإيرانية، حيث استسهل السيد كثيرا اتهام مجهول بالسعي الى افتعال حرب أهلية.
كل هذا من دون الإغفال بأن السيد لوح بوسائل إكسترا دستورية ومن خارج المؤسسات لفرض وجهة نظره لدور لبنان ورسالته، بما يؤكد إصعاده الى قطار سفربرلك المسافر شرقا الى طهران فسيبيريا فبكين .
واللافت في موقف السيد اعترافه بالمجاعة الآتية وبحتمية أن تطعم الدولة شعبها ، بعدما كان تحدث طويلا عن أنه وبوسائل الحزب لن يسمح بموت ناسه جوعا وإذ بالوقائع تسقط هذه النظرية.
للوهلة الأولى يخيل للمتابع بأن السيد حسن نفذ انقلابا على حليفه رئيس الجمهورية ، لكن مسارعة الوزير باسيل الى الموافقة على مضمون كلامه واعتباره إياه بأنه المشروع المشترك الذي يتعين على الجميع الإنضمام اليه، هذا الموقف أكد أمرين : الأول: أن لا حكومة الإثنين ولا في اي خميس. والثاني، ان رئيس التيار ترك لحليفه إبلاغ الحريري واللبنانيين حقيقة رؤيتهما الى الحكومة وبأنهما لا يرغبان بالحريري رئيسا لها. فهل يفاجىء الرئيس عون الجميع بموقف مغاير الإثنين؟