بعدما ضيق السيد حسن نصرالله في إطلالته الأخيرة الخيارات المتاحة أمام شركائه الألداء في السلطة، بحيث لم يبق لهم سوى الانصياع لإملاءاته قسرا، أو الرضوخ لرغباته طوعا، وإلا استعاد أدبيات السابع من ايار. تلقف رئيس الاشتراكي وليد جنبلاط الرسالة، لأنه تلقى مثلها في السابق وتذوق خطورتها، فتسلق طلعة بعبدا واستل من جيبه الخلفي خطاب التسوية المعهود الذي يغلب فيه دائما السلم الأهلي ووحدة الجبل وسلامة طائفته على أي مشروع آخر، مهما سمت معانيه ومقاصده.
النتيجة الأولى للخطوة الجنبلاطية أنها تركت الرئيس الحريري وحيدا في مواجهة حزب الله والعهد وتياره. ولا يختلف اثنان على أن نصرالله أسقط في خطابه في يوم الجريح، المبادرة الفرنسية وحكومة الاختصاصيين غير الحزبيين، ووضع الرئيس الحريري في موقف يتراوح بين الغضب المشروع، وغيرة أم الصبي على الاستقرار. فكيف سيتصرف الأخير وبماذا سيواجه الرئيس عون في لقائهما الاثنين؟.
المعلومات القليلة التي رشحت من بيت الوسط، تفيد بأن الرئيس الحريري لن يتراجع عن الصيغة الموجودة في المغلف المعروف الذي يصطحبه الى بعبدا دائما، وإن قال إنها صيغة قابلة للبحث والتعديل، وذلك للأسباب الآتية: الاول، لأن أي صيغة حكومية فضفاضة ستكون استنساخا لحكومة دياب، وبالتالي ستكون حكومة إنجاز التفليسة.
الثاني، رفض الحريري وضع الطائفة السنية وممثلها في السلطة في موقع من يملى عليه. الثالث، رفض توسيع الحكومة منعا لتطويق نفسه بعدد أكبر من الوزراء الودائع والممانعين، ولإبطال مفاعيل انتقال جنبلاط الى الضفة المقابلة.
شيئان آخران لن يلجأ اليهما الحريري حتى الساعة، بحسب المقربين، الاستقالة من التكليف واستقالة نوابه من المجلس النيابي، ولو أدى الأمر الى قلب الطاولة ميثاقيا وسياسيا في وجه خصومه.
وفي انتظار لقاء عون-الحريري الاثنين، ما لم يطرأ ما يؤجله، اللبنانيون ينهشهم الجوع والمرض وسط شكوك تلامس اليقين بأن التدابير التي اتخذها مصرف لبنان، لن تتمكن من ضبط سعر الدولار، الذي لن يضبطه سوى حكومة من الصنف الذي يطالب به الناس والمجتمع الدولي.