يكاد رافضو التدويل أو التحييد أو النأي بلبنان، أن يسقطوا لبنان الكبير ويعيدوه سلعة في سوق التناتش الدولي والإقليمي، كما كان في حقبة القناصل زمن المتصرفية. وكيف يدعي هؤلاء رفض التدويل، وهم يتداورون على استجداء دعم الدول القريبة والغريبة، استقواء على أبناء جلدتهم وتحقيقا لمكسب تافه.
لكن قمة الغرابة، أن سفراء الدول الكبرى يقومون هذه المرة بما يتعين على المسؤولين اللبنانيين القيام به، أي صون لبنان، وهذا ما بدا جليا بموقف السفير السعودي من بعبدا، وما تبعه من اجتماعات ضمته الى سفيري فرنسا والولايات المتحدة، وما تبعها اليوم من جولات قامت بها السفيرتان شيه وغريو، على بعبدا وبيت الوسط وعين التينة للتأكيد باسم بلديهما، على “حاجة لبنان الى قادة شجعان، وعلى ضرورة التخلي عن الشروط والأنانيات والتعجيز، وتشكيل حكومة المهمة سريعا، وعدم إضاعة الوقت الثمين في تفعيل كيدي لحكومة تصريف الأعمال”.
ولا داعي للتذكير، بأن السفراء يعكسون قلق دولهم، والدليل إدراج الأزمة اللبنانية على جدول أعمال مؤتمر الاتحاد الأوروبي، الذي يشارك فيه الرئيس الأميركي جو بايدن.
ويقرأ المراقبون في الاهتمام الدولي المتصاعد، بأن لبنان غير متروك لمصيره ولا لما يقرره له خاطفوه، وبأن حركة الدبلوماسية الدولية والعربية التي تشبك مع رؤى الفاتيكان وبكركي، ستعيد لبنان الى بر الأمان نهاية المطاف.
في المقلب الآخر، وفيما رصد تنشيط لاستيراد اللقاحات بالتزامن مع ارتفاع عدد الإصابات، يجتمع المجلس الأعلى للدفاع الجمعة، وهو في وارد تشديد شروط التعبئة العامة زمن الأعياد، تفاديا لموجة أقوى وأشد فتكا للفيروس.
توازيا، لا تزال مسرحية إستعطاء الأوكسيجين من سوريا تثير الاستهجان والشجب، لأنها غير صحيحة، ولأن الأوكسيجين المزعوم هو حق حرمت منه شركة لبنانية تصنع المادة في لبنان، وتستورد قسما من حاجاتها من سوريا. ولو افترضنا أنه هدية، وأن النظام الذي يخنق شعبه قرر إنعاش شعب يختنق في القطر اللبناني، فإن الكمية المهداة، لا يساوي ثمنها ربع صهريج مازوت واحد. علما بأن خيرات لبنان وأمواله ودواءه وقمحه وطحينه ومحروقاته ودولاراته، تهرب انهارا وجهارا الى سوريا.
وبعد، نقول لوزراء المنظومة الناشطين لتعويم النظام السوري، أحرى بكم أن تقولوا له: “خذ أوكسيجينك وكل خيراتنا، ورد لنا معتقلينا المختنقين في دهاليزك وأقبيتك وسجونك، وجثامين شهدائنا، ولا نريد أكثر من ذلك.