ماذا بعد العشاء العلني في بكركي الذي لبى فيه الرئيس الحريري دعوة البطريرك الراعي؟ العشاء، كما الاجتماع الذي سبقه، خيمت عليهما أجواء ايجابية، لكنها تبقى ايجابية نسبية، اي لا يمكن صرفها او الاستفادة منها.
اذ ما دام فريق رئيس الجمهورية لم يكن مشاركا في الاجتماع بشكل او بآخر، فهذا يعني ان الحوار ظل في اطار السعي والتمنيات، وخصوصا ان البطريرك الراعي يدرك تماما صعوبة الوصول الى حل. فهو كان أجرى قبل فترة مسعى لتبريد الامور بين بعبدا وبيت الوسط، لكنه اصطدم بالجدار المسدود. اكثر من ذلك، ثمة من يرى ان اجتماع الامس زاد الامور تعقيدا.
ذلك ان فريق رئيس الجمهورية لم يستسغ فكرة ان يدعى رئيس الحكومة المكلف الى الصرح البطريركي للعشاء في عز الاحتدام السياسي بينه وبين رئيس الجمهورية، ما اوحى للرأي العام اللبناني عموما، والمسيحي خصوصا، ان البطريرك اقرب الى طرح عون منه الى طرح الحريري.
المشهد اللبناني من الخارج ليس افضل . ذلك ان الحراك الديبلوماسي الذي قام به سفراء الولايات المتحدة الاميركية وفرنسا والسعودية الاسبوع الجاري اثار غضب ايران التي خرجت عن برودتها وصمتها المعهودين .
المساعد الخاص لرئيس مجلس الشورى الايراني حسين امير عبد اللهيان اتهم في تغريدة على تويتر اميركا وفرنسا والسعودية بانتهاج سياسة عدم وجود حكومة قوية والانقسام واضعاف المقاومة، معتبرا ان هذه السياسة هي الوجه الثاني من تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني واضعاف لبنان. التغريدة التي بلغت حد التخوين تعبر عن مدى الانزعاج الايراني من الحراك الديبلوماسي الذي يشهده لبنان كما تشهده عواصم القرار في العالم، وتدل على ان الامور ذاهبة الى مزيد من التعقيد. في المحصلة النهائية: الحكومة عالقة بين محاصصات الداخل وتجاذبات الخارج، فكيف لها ان تشكل؟