البلد كله حكي بحكي، ومعظم الحكي الذي يقال لا قيمة عملية له، وهو لا يقدم ولا يؤخر في شيء. يدلي رئيس الجمهورية بتصريح صحافي فيرد عليه رئيس الحكومة المكلف بتغريدة. يطلب رئيس الحكومة المستقيل من مجلس النواب أن يفسر الدستور لجهة تصريف الاعمال فيجيبه رئيس مجلس النواب: هيدا حكي تركي.
وفي النتيجة لا نعرف من حكيه تركي ومن حكيه عربي! يجتمع النواب في قصر الاونيسكو لاقرار قانون استعادة الاموال المنهوبة ليتبين ان قانون استعادة ما نهب كلام بكلام، لأن لا وجود لمن ينفذ القوانين، ولأن القانون لكي ينفذ بحاجة الى مراسيم تطبيقية غير موجودة حتى الان!
صحيا، لجنة متابعة تنفيذ لقاحات كورونا تحولت لجنتين وتعطلت لغة الكلام بينهما فلا من ينسق ولا من يوحد الجهود، فيما الجائحة تواصل اجتياحها، وفيما اللقاح على المنصة الرسمية يسير ببطء السلحفاة. انها ازمة مفتوحة في كل الاتجاهات وعلى كل الصعد. فمقابل الكلام غير المجدي ثمة وقائع تحمل على اليأس من درجة فساد المنظومة السياسية.
فمقابل التشريع النظري لقانون مكافحة السرقة واصل مجلس النواب نهب ما تبقى من خزينة الدولة عبر اعطاء سلفة لكهرباء لبنان. والتسمية اساسا خطأ. فالسلفة تعطى لترد في يوم من الايام، اما السلفات التي اعطيت للكهرباء عندنا فلم ترد الى الخزينة يوما، ولم ترد الكهرباء الا ساعات قليلة! اي أنها سرقة مضاعفة وعلى اعينكم ايها اللبنانيون! والدليل الفاقع على السرقة الموصوفة ما يحصل في معمل الزهراني مهددا البلد بزيادة التقنين وانتشار العتمة.
حياتيا،ارتفاع اضافي لاسعار المحروقات وصولا الى نشوء سوق سوداء للمازوت في بعض المناطق، ولا سيما في البقاع. فالى اين بعد كل هذا العرض؟ رئيس الجمهورية يقول الى جهنم، ورئيس مجلس النواب يقول الى التيتانيك سر، اي اما الموت حرقا او الموتا غرقا، فالى اين المفر؟ في الاثناء الحكي الفارغ مستمر. وطالما ان كل كلمات المسؤولين حبر على ورق، هل نتعجب اذا صرنا جمهورية من ورق؟