وصف الرجل المريض ينطبق كليا على لبنان ، فأنياب العدو تنهش ثروته الغازية والنفطية وسيادته في الجنوب، وأظافر الشقيق وأطماعه تسلبان ثروته الغازية والنفطية شمالا. تاريخيا، أن تكتسب دولة أو أمبراطورية أو مملكة هذه الصفة، لا يتأتي بالمطلق من طمع الجيران، بل يتأتى أولا من ضعف السلطة المركزية بفعل إقصاء رجال الدولة عن إدارتها وسيطرة الانتهازيين والسماسرة والمتعسكرين عليها.
وهذا حال لبنان المسكين مع المنظومة المتحكمة بمقدراته ومصيره وثرواته، وقد أوصلت الشعب الى الجوع، واسلمته الى المرض، وتخلت عن سيادته لعدو لدود ولصديق ألد.
وهي تواجه الأول بسوء إدارة الملفات والخطابات التهويلية الطنانة، وتواجه الثاني بالتطنيش وإدارة الظهر. حتى أن بعض اللبنانيين بات يشك بأن ازمة الحدود البحرية مع سوريا مفتعلة، والغاية منها تبرير التفاوض مع النظام لتعويمه، ولو أدى الأمر الى إغراق لبنان في ما لا قدرة له على احتماله.
إذا، صحة السلطة المركزية سيئة لكن إراديا وليس قسريا، لأنها ببساطة تصر على الإبحار وسط الأزمات بلا ربان ولا حكومة.
في السياق، الرئيس بري الذي شغل محركاته في هذا الاتجاه يقول المطلعون إنه لا يزال يتكلم عن تصور أو توجه للتشكيل وليس عن مبادرة، لأن لا شيء إيجابيا محسوسا ظهر من بعبدا بعد، يوحي بقبولها تجاوز الإطار العام لمشروع الحكومة الموسعة ليلامس ولو بالإيماء إمكانية تخليها عن الثلث المعطل.
وازدادت الأمور ضبابية بسفر الرئيس الحريري الى الإمارات، رغم أن أوساط بيت الوسط أكدت ان زيارته قصيرة وهو يحمل هاتفه الشخصي، و مستعد للعودة سريعا إذا حصل أي تقدم على صعيد مساعي التشكيل، لكنها وإذ رفضت استغلال الرحلة سياسيا من قبل بعبدا، اضافت بأن ما حصل على خط التشكيل لا يتجاوز الإطار الكلامي . التسيب الرسمي ينعكس مزيدا من التفكك المؤسساتي، وهذا ما بدا جليا في تجدد السجال بين المالية والمركزي حول ايهما المسؤول عن عرقلة التدقيق الجنائي الذي يفترض أن تضطلع به شركة الفاريز اند مارسال، فيما احتياطي المركزي من العملات الأجنبية شارف الجفاف التام.
صحيا، الوضع الى مزيد من الانهيار بفعل بطء عمليات التلقيح، أما الإغلاق التام، من فجر السبت الى فجر الثلثاء، زمن الفصح فليس سوى خنق عملي و قتل معنوي للناس والاقتصاد وتبديد لأي أمل بقيامة وشيكة.