عذرا مستحقا أيها الأشقاء السعوديون، عذرا ودمعة محرقة، فبعدما كنا نرسل إليكم مهندسينا ومعلمينا وأطباءنا وعنب دوالينا، والكرز بلون خدود الصبايا والتفاح الضاحك كشمس لبنان، صرنا نصدر إليكم الكبتاغون والحشيش.
ومن السعودية عذرنا موصول الى الشعب اليوناني الصديق، الذي تربطنا به منذ الفينيقيين علاقات بنيت على الحرف والمعرفة والفلسفة والتبادل التجاري الشريف، لا على المخدرات والمواد الضارة. عذرا مسبقا الى الرياض وأثينا معا، لأن منظومتنا كذبت عليكما عندما قالت إنها ستبذل جهدها لمنع تكرار هذه العمليات.
نعم إنها تكذب، إذ كيف لها أن تصدق، وهي تخلت عن حدودها مع سوريا للتهريب الممانع وهي لا تجرؤ على ضبطها، لأنها حدود الدويلة ورئتها، ورئة النظام السوري، وممر السلاح، وواجهة إمبراطورية فارس على إسرائيل. وعلى أمل أن تستحي المنظومة وتضبط حدودها، فتخفف السعودية قرارها بما ينقذ قطاعنا الزراعي من كارثة محتمة.
وسط الأمل الخافت المثقل بالشكوك، التراشق يستعر بين المكونات السياسية، وقد غذى النائب جبران باسيل نار السجال بمواقف مضطربة متناقضة، هاجم فيها الداخل وهادن الخارج، إذ ساير الأميركيين بنسفه الأسس التي قامت عليها مفاوضات الترسيم، وهاجم القضاء بالتلويح بلجنة تحقيق دولية في تفجير المرفأ، علما بأن رئيس الجمهورية اعتبرها مضيعة للوقت، ونسف فكرة استقالة المجلس النيابي والانتخابات المبكرة، معتبرا “أنهما تؤديان الى عدم استقرار”. ومن سمع باسيل، لا يسقط من رأسه الحلم الساذج بحكومة، بل ينعى الدولة والوطن ويرمي نفسه على أول عبارة مبحرة أمام شواطئنا.
تزامنا، ولسوء الصدف، وفي ظل الجوع والجراد وكوكتيل المجازر الذي تفرضه المنظومة على شعبها، أحيا اللبنانيون الأرمن ذكرى الإبادة، وهم يتجرعون اليوم نفس المرارات التي عاناها أجدادهم على أيدي السفاح العثماني، لكنهم أقوياء وقد انتزعوا بنضالهم اعتراف الرئيس بايدن بإبادة الأرمن على أيدي الاتراك. ومع الأرمن نصلي كي يمن الله علينا بحكام يعترفون بأنهم يبيدون شعبهم، وتكون لهم جرأة الاعتراف والرحيل.
وسط الظلمة، نقطة ضوء، ال”أم تي في” التي ساهمت في عودة الحياة الى الرياضة، نقلت اليوم الى اللبنانيين والعالم ومحبي اللعبة، نهائي بطولة الدوري اللبناني لكرة القدم حيث فاز فريق الأنصار بالكأس بعد انتصاره على فريق النجمة 2-1، مبروك للأنصار، ولكرة القدم اللبنانية العائدة من عمق الجائحة والأزمات.