فطر سعيد.. على حدود الدويلة وفي غفلة واعية من الدولة، وفي منطقة دولية تقع تحت راية الأمم المتحدة وقوات اليونيفيل والقرار1701، غامر مجهولون بثلاثة صواريخ متهالكة أطلقوها تضامنا مع الشعب الفلسطيني المقاوم في غزة، فسقطت في بحر عكا.
في هذه الثلاثية، الدولة اللبنانية هي الأضعف. ويأتي بعدها المغامرون المفترض أنهم فلسطينيون، ومن ثم القوة الدولية المتخصصة في دور شاهد الزور أو الزوج المخدوع. وفي الأخير يأتي “حزب الله” الذي اهتزت سيادته على الرقعة وانكشف دوره، ليس كمقاوم وقد تخلى عنه منذ العام 2006، بل كضابط إيقاع يمنع أي تجاوز غير منضبط أو منسق معه للحدود مع إسرائيل، ومعه اهتزت صورة إيران الراعية.
هذا إن لم تكن عملية إطلاق الصواريخ حصلت (بقبة باط) من “حزب الله”، أراد منها بعث رسالة الى من يعنيهم الأمر إقليميا ودوليا، مفادها أن خياراته وطهران متعددة وموجودة وجاهزة، من دون أن يؤدي الاستفزاز الى توريط إيران والحزب في حرب ليست في مصلحتهما، لا لجهة توقيتها ولا لجهة محدودية قدرتهما، على تحمل تبعاتها.
توازيا، سقطت صفة العملية العقابية الخاطفة عن اعتداءات إسرائيل الوقحة على غزة، لتأخذ طابع حرب محدودة، غاية إسرائيل منها استنزاف الطاقة الصاروخية للمقاومة الفلسطينية والخروج بصورة غير المهزومة، لأن الانتصار بهكذا معركة أمر شبه مستحيل، إن لم تغير تل ابيب قواعد الاشتباك وعقيدتها القتالية، وتقرر خسارة الكثير من جنودها في حرب برية واسعة النطاق ومكلفة، وهي ليست في هذا الوارد.
لبنان في الأثناء، يتقلب على نار عناد المنظومة التي دمرت كل احتمالات تشكيل حكومة، في وقت يتدرج لبنان سريعا الى أزمة انقطاع شامل للتيار الكهربائي بحدود نهاية أيار، تأتي لتضاف الى أزمة ندرة المواد الغذائية والدواء والمحروقات واستحالة الاستشفاء، وسط كلام عن صعوبات كبيرة تواجه قيام المنصة الجديدة لمصرف لبنان وانتظامها كرافعة لقدرات اللبنانيين، خصوصا متى علمنا بأن بعض المنظومة يريدها رافدا ماليا مكملا لحكومته الموازية التي يديرها من غرفة أحد المقرات الرسمية العليا.