IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار ”MTV” المسائية ليوم السبت في 22/05/2021

جلسة مناقشة رسالة رئيس الجمهورية الى المجلس النيابي، يمكن تقييمها ومقاربتها من جملة جهات وعناوين، لكن دعونا نختصرها بثلاث: قيمتها الدستورية. من ربح فيها ومن خسر. من حضر فيها ومن غاب عنها.

في منحاها الدستوري، يمكن وصف الجلسة بالكارثية، إذ استخدم الدستور فيها كسلاح وليس كعلاج، والأسوأ أنه استخدم بسلبية وبنية تقوي كل فريق في سلبيته، وبعيدا من الروحية الإيجابية والوطنية التي أرادها من وضعوا الدستور. هذا ظهر فاقعا في الدوافع التي كمنت وراء كتابة الرسالة الرئاسية، فهي دستورية صحيح، لكنها إقصائية صدامية بدليل أنها انفجرت عندما اصطدمت بجدران الموزاييك المجلسي غير المتعاطف.

وتجلت هذه النية في مطالعة جبران باسيل التي حرمت ممارسة لعبة الفراغ على غيرها وحللتها للرئيس وتياره. كذلك تجلت في رد الرئيس المكلف الذي تحصن في الجهة المقابلة من الدستور، لكن من دون إظهار أي رغبة في تدوير الزوايا بمخاطبته رئيس الجمهورية بكلام عنيف غير مسبوق.

الزاوية الثانية، أي من حضر ومن غاب، فكان واضحا أن الهم الوطني لم يكن هم الحاضرين، بدليل تغليب المتساجلين المصالح الخاصة على المصلحة العامة، فيما البلد يلفظ أنفاسه الأخيرة واللبنانيون ينهشهم الفقر والجوع والمرض.

أما الغياب المدوي فكان للناس الذين امتنعوا عن تطويق اليونسكو، لإعلاء الصوت وإفهام ممثلي الأمة أنهم مواطنون وليسوا من المقتنيات الخاصة للمنظومة، تتاجر بمصائرهم، وتلهو بآلامهم، تستحضرهم وتغيبهم بحسب أهوائها وكيف ما تشاء.

أما لجهة من ربح ومن خسر، فالواضح مما تقدم، أن رئيس الجمهورية كان الخاسر الأكبر إذ أحرق آخر أوراقه الدستورية باحتراق صفحات رسالته، علما بأنه لو ارتضى لنفسه دور الحكم لكان ربح الدنيا والآخرة، وأنقذ عهده ولبنان، لكن على ما يبدو أن الأوان قد فات ورحلة العدم لا زالت تغريه.

الرئيس المكلف ربح بمطالعته شخصيا وسنيا، لكنه في الوقت عينه أحرق كل مراكب التلاقي وفرص الإنقاذ، فيما غايته الأساسية هي أن يكون رئيس حكومة وليس رئيسا مكلفا الى الأبد، فجاء نصره بنكهة الخسارة.

الرابح الثاني شكليا، المجلس النيابي الذي سيحافظ على موقعه الرمادي الباهت، ليس كمرجعية تشريعية بل كحلبة قتال بديلة من الاقتتال في الشارع، ولا ندري كم سيصمد في هذا الدور.

أما الخاسر الأكبر ومن دون منازع، فهو لبنان الدولة ولبنان المؤسسات، وقد صار أسير لعنتين: لعنة الخروج من المؤسسات وعليها، ولعنة التقاء المتحكمين بالمؤسسات على تدميرها من الداخل. الأولى تضعه على حفافي الحرب، والثانية تضعه في مصاف الدول الفاشلة غير المهيأة لحكم نفسها بنفسها.. والله على ما يبدو لا يزال منشغلا عنا، بقدر ما نحن منشغلون عنه.