ماذا بعد التفويض الذي ناله الرئيس نبيه بري من السيد حسن نصر الله امس ، في ما يتعلق بتشكيل الحكومة؟ وهل مهلة الاسبوعين التي وضعها بري للتأليف، ستنتهي إيجابا، اي بتشكيل الحكومة الموعودة، أو ان كل ما يحصل لن يغير الواقع المأزوم؟ داخليا، الاجواء باتت مهيأة اكثر من اي وقت مضى للوصول الى نهاية للمأزق الحكومي، لكن هذا لا يعني البتة ان الحكومة ستشكل غدا، فالأفكار التي تسوق ليست جديدة، وإن كان الدفع باتجاه تحقيقها قد يكون أقوى هذه المرة. الرئيس بري لم يغير في مبادرته، أي أن السعي هو لحكومة من أربعة وعشرين وزيرا، من الاختصاصيين الذين تسميهم القوى السياسية، أو لا تمانع في نيلهم حقيبة وزارية. وهذا يعني أن الوزراء ستكون لهم مرجعية سياسية ما ينزع عنهم صفة المستقلين . مع ذلك فان على الحكومة الجديدة ان تتماهى مع المبادرة الفرنسية، وأن تسعى الى تحقيق اصلاحات، ولا سيما على الصعيد الاقتصادي- المالي . فهل مثل هذه الحكومة الهجينة يمكنها ان تنال ثقة المجتمعين العربي والدولي؟
خارجيا، الأمور أكثر ايجابية بالنسبة الى الوضع اللبناني. فثمة بداية حراك اميركي ولو خجول تجاه لبنان بضغط من اللوبي اللبناني في واشنطن. الحراك المذكور تجلى على مستويين: الاول قيام تنسيق أميركي – مصري قوي بشأن لبنان، والثاني تنسيق اميركي – فرنسي – إماراتي. لكن الحراك الأميركي على أهميته لا يزال في حاجة الى تجاوب معين من المملكة العربية السعودية، التي لا تزال تحجم عن الدخول في التفاصيل اللبنانية وتتجنب الانغماس من جديد في الرمال اللبنانية المتحركة. توازيا، الادارة الفرنسية تراجع مقاربتها للملف اللبناني بعدما شكلت زيارة لودريان انتكاسة للسياسة الفرنسية في لبنان. كل هذه المعطيات يبنى عليها وتنبىء ببعض التقدم، لكنها كلها تبقى بلا نتيجة عملية إذا لم يعد الحريري الى لبنان واذا لم يعمد الى اشعال محركات التأليف من جديد. وهو متى عاد امام خيارين : فاما ان يعمد الى اطلاق جولة مشاورات جديدة، وإما يصعد الى قصر بعبدا ويقدم تشكيلة جديدة للرئيس عون. فمتى يأتي الحريري الى لبنان؟ وهل تكلل عودته هذه المرة بتشكيل الحكومة؟ توازيا، لفت اليوم استقبال الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون قائد الجيش العماد جوزف عون. وهي من المرات النادرة التي يخرق فيها البرتوكول الرئاسي الفرنسي بهذا الشكل. والاهم ان ماكرون اطلق خلال استقباله قائد الجيش مواقف سياسية ما يحمل الزيارة دلالات ورسائل ان لجهة توقيتها او مستوى اللقاءات فيها او لكيفية تظهيرها والاعلان عنها.