“يسعد صباحكم بالخير”، أمنية وجهها الرئيس سعد الحريري إلى اللبنانيين عبر “تويتر” من باريس التي توجه اليها من الإمارات. التغريدة حملت تفاؤلا مشوبا بالتردد، إذ قرأ اللبنانيون في التصبيح من بعد، إثر صمت دام منذ خطابه الناري في المجلس النيابي الأسبوع الماضي، أن الحريري لا بد سيحمل إليهم خبرا أو موقفا يبشر ببداية الخروج من الأزمة، وقد ذهبت عقولهم فورا، ومعهم حق، إلى أبعد وأسمى من أن يكون الرئيس المكلف يعتبر عودته إلى لبنان أمرا كافيا لإشاعة الأمل، أو أراد من التغريدة الإثبات أنه ليس معتقلا في الإمارات كما أشاع بعض ألسنة السوء.
فالمطلوب منه لبنانيا وعربيا ودوليا، البدء الجدي بورشة تشكيل الحكومة الموعودة والمنتظرة جدا، وعدم البقاء في مربع التمترس وراء المواقف المبدئية المعروفة، لأن الاهتراء السريع للأوضاع المالية والاجتماعية والاقتصادية، سبق الخلافات بين أهل المنظومة وتخطاها بأشواط، وأحرق المنصات التي يقف عليها المتخانقون من أهل الحكم للتراشق والتساجل والإقتتال.
هذا في المعيوش المهترئ والمأمول بعيد المنال، أما في واقع الحال فمعلومات بيت الوسط تتوقع عودة الرئيس الحريري الليلة، لكن ليس في أجندته حتى الساعة أي خطط واضحة أو مواعيد تشي بأن وساطة الرئيس بري بين بيت الوسط وبعبدا، قد أقلعت أو سلكت مسارا مرئيا خارج إطار الاتصالات الجارية في الكواليس.
توازيا، انشغلت الأوساط الإعلامية والسياسية اللبنانية عامة، والمسيحية خاصة، بإعلان البابا فرنسيس عن لقاء سيعقده الأول من تموز في الفاتيكان مع قادة المجتمعات المسيحية في لبنان، “لمناقشة الوضع المقلق في البلاد، والصلاة معا من أجل نعمة السلام والاستقرار.
المعطيات التي تكونت لدى ال”أم تي في” عن اللقاء، أن قداسة البابا سيلتقي رجال دين وعلمانيين لبنانيين من أجل حثهم على استعادة روح الوحدة، واستلهام القيم التي أنشأ الآباء المؤسسون لبنان عليها. وهي قيم انفتاح على الآخر لا وصفات تقوقع. وسيدعوهم بنبرة عالية الى رفض الغيتوات وتحالف الأقليات واستجداء الحمايات، والضغط من أجل منع المغامرين من تدمير وطن الرسالة.
غني عن القول أن الدعوة تشكل ترجمة للمبادئ التي تعمل في هديها دبلوماسية الفاتيكان لحماية لبنان، بمعنى آخر، سيعيد البابا فرنسيس الحياة الى الإرشاد الرسولي، الذي وقعه سلفه البابا القديس يوحنا بولس الثاني وأهداه الى اللبنانيين ليكون دستور عيشهم مع أخوتهم في الوطن. والرسالة الأقوى من يوم لبنان في الفاتيكان، من يوم التفكير والصلاة من أجله، أن لبنان ليس متروكا.
ولأن لبنان “وقف الله”، فإن الفاتيكان يضعه في مصاف العين والقلب وهو لن يستسلم أمام محاولات إلغائه وسيسعى الى بث هذه الروح المقاومة في قلوب المسيحيين.
الموقف البابوي المنتظر، يمهد له البطريرك الراعي بقوة كل يوم، وقد جدد في عظته اليوم المبادئ الأساسية التي ترى بكركي أن لا قيامة للبنان ولا بقاء له كما يريده الأحرار، من دون استلهامها وتطبيقها.