قديم – جديد تظهر اليوم. طرق لبنان وشوارعه تحولت مرأبا كبيرا للسيارات المنتظرة بالدور، لتعبئة القليل من البنزين! الذل عاشه اللبنانيون بقوة من جديد، والحل بالتأكيد لن يكون من طريق ايران، كما حاول حسن نصر الله ان يؤكد في خطابه امس.
في الشكل اولا، نصب الامين العام نفسه مرشدا أعلى للجمهورية اللبنانية، عندما قال إنه سيأتي بالنفط من ايران، ولتفعل الدولة ما تشاء. فهل الاستعلاء الكلامي الى هذا الحد مقبول؟ الم يشعر اللبنانيون عموما، والمسؤولون خصوصا، بالاذلال بعدما اكتشفوا بالصوت والصورة ان دولة نصرالله، هي دولة فوق دولتهم، وأقدر من دولتهم؟ في الانتقال الى المضمون، كلام نصرالله لا يصرف، فهو شيك بلا رصيد.
اذ ان العقوبات المفروضة على ايران، تمنعها من تصدير نفطها بأي شكل من الاشكال. وفي حال تجاوزت ايران العائق المذكور، فهل يجرؤ لبنان على تقبل الهدية الملغومة، فتفرض عليه عقوبات جديدة هو بغنى عنها؟ في اختصار طرح نصر الله غير قابل التنفيذ، الا اذا قرر المسؤولون اللبنانيون،ان يستلهموا نموذج فنزويلا فنصبح دولة خارجة عن القانون الدولي وعن الانظمة السارية عالميا. فهل هذا ما يريده نصر الله، تحت شعاري المقاومة والممانعة؟ والاهم: اليس اسهل على نصر الله بدلا من استيراد النفط الايراني، ان يمنع تهريب النفط الموجود في لبنان باتجاه سوريا، وعبر المعابر غير الشرعية؟
حكوميا، حركة لافتة تحصل على خط الثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر. الثنائي، على ما يبدو، يحاول انقاذ ما تبقى من مبادرة بري عبر مفاوضات يجريها الخليلان ووفيق صفا مع النائب جبران باسيل. ليل أمس كان الاجتماع الثاني وينتظر ان يليه اجتماع ثالث وربما رابع وخامس. فهل تحقق اجتماعات البياضة الخرق المطلوب حكوميا؟ حتى الان نحن في منتصف الطريق. التيار يقول انه قدم ما يمكنه تقديمه للرئيس الحريري وانه ينتظر جوابه، فيما مصادر الخليلين قالت لل “ام تي في” ان الكرة ليست في ملعب الحريري، وانه ينتظر عقد اجتماعات لاحقة مع باسيل لحل العقدتين المتبقيتين، بعدما تم حل عقدة واحدة أمس.
في المحصلة، حتى الان لا شيء تغير، والعقد لا تزال موجودة. لكن، وبمعزل عن النتائج، فإن اسئلة كثيرة تطرح. فما دام الحريري عاد وقبل بمفاوضة باسيل، ولو بالواسطة، فلماذا لا يجتمع به شخصيا؟ اليس هذا الامر من مهام رئيس الحكومة المكلف؟ اليس من واجبه ان يجتمع مرة ومرتين وثلاثا برؤساء الكتل توصلا الى حل للازمة الحكومية؟ فلماذا تخلى الحريري عن دوره لمصلحة الثنائي الشيعي؟ وهل هكذا يتم تعزيز صلاحيات رئاسة الحكومة؟ في المقابل اين رئيس الجمهورية من كل ما يحصل؟ السنا ايضا امام تخل عن الصلاحيات؟ والا يبدو جبران باسيل، في الشكل على الاقل، وكأنه المقرر الاول والاخير في عهد ميشال عون؟ حقا نحن في دولة الغرائب والعجائب، فلننتظر نهاية المسرحية، التي نأمل ان تنتهي قبل ان تنتهي الجمهورية وقبل ان ينهار ما تبقى من الدولة!