اعتبروه أحد أطفالكم أم فردا عزيزا من أفراد عائلاتكم، هل كنتم لتتركوه يذبل ويتراجع ويسقط تحت وطأة الجوع والمرض؟ لبنان الدولة التي تحملت جنونكم وطيشكم وحروبكم وجشعكم كما حمت أحلامكم وأيامكم الهانئة، هل تتركونه يتلاشى ويزول أمام اعينكم وأنتم تقتتلون، هذا لمصلحة إيران وذاك لحلم رئاسي وآخر للحفاظ على ملك زائل؟ يبدو أنكم تفعلون.
من ينظر الى لبنان وقد فرغت منازله من شبابها والمعاجن من الخبز والمحطات من الوقود، وأقفلت مستشفياته وجامعاته ومختبراته، يتأكد له بما لا يقبل الشك انكم ولغايات في نفوسكم السوداء تغتالون أجمل الأوطان. لكن لماذا ؟ لأن المنظومة ورغم جرائمها، يخاف أركانها من اتخاذ قرارات غير شعبية باسم شعبية بائدة ولمصلحة شعبوية أقرب الى التهريج . فهي ممثلة بحكومتها وبمن يتحكم بها في الدويلة، تعرف جيدا أنها إن لم ترفع الدعم عن المحروقات والدواء على سبيل المثال فهي ستغرق البلاد في المزيد من المرض والعتمة، لأنها لم تعد قادرة على تمويل الدعم، ولأن الدعم يعني المزيد من التهريب، بدليل أن لبنان يستورد اكثر من حاجاته النفطية كما أشار مصرف لبنان في بيان مسائي تناول فيه ملف تمويل استيراد المحروقات.
وللتذكير فقط، إن لم تسارع الحكومة في اتخاذ قرار رفع الدعم الآن وقبل دخول اوروبا ومصانعها العطلة الصيفية، فسيتعذر على مستوردي الدواء في لبنان تأمين احتياجات الناس قبل الخريف المقبل، وقد خبرنا قساوة انقطاع الدواء والمستلزمات الطبية، فكيف إذا انقطعت بالكامل، هل من يجيب؟ نعم فرنسا فقد اعلن الرئيس ماكرون ان بلاده تعمل على إنشاء نظام تمويل دولي يضمن استمرار عمل الخدمات العامة اللبنانية في حال حدوث أي اضطراب سياسي في البلاد.
على خط التشكيل، كل ما قيل عن تقدم على خط البياضة حققه الخليلان بلقاءاتهما الليلية مع جبران باسيل كذبته وقائع النهار، والتراشق يدور الآن بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر وبعبدا، ليس على الوزيرين المسيحيين، بل عن محاولة باسيل كسر عزلته وتنصيب نفسه رئيسا للجمهورية وتحويل البياضة الى ما يشبه قصرا رئاسيا مؤقتا، وقد اعتبر بيت الوسط في بيان انه ولسخرية القدر فإن باسيل مصدق هذه الكذبة. وقد رد التيار الوطني على المستقبل بهدوء مضبوط، فأسف لتضييع الحريري الفرصة التي اتيحت للتشكيل في اليومين الأخيرين وثمن إقرار بيت الوسط بأن الحكومة تتألف وفق الدستور بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف. أوساط بعبدا دخلت على الخط فأسفت لتخلي الرئيس المكلف عن دوره واتهمته بأنه يبحث عن حجة لعدم إبصار الحكومة النور.
اشتعال الجبهة مجددا دفع الثنائي الشيعي الى الانكفاء، من دون أن يعلن وقف مساعيه علما بأن بيان بيت الوسط اصابه بشظايا مباشرة عندما أعلن أن الحريري لم يكلف أحدا تشكيل الحكومة وأن ما يجري في البياضة لا يعدو كونه مشاورات سياسية بين عدة أطراف.
في المقلب الآخر، تحدي السيد حسن نصرالله الدولة باستيراد البنزين استدعى وابلا من الردود السياسية والتقنية الرافضة والشاجبة، أعلاها وأكثرها تفصيلا كان لرئيس القوات سمير جعجع الذي رفض تصعيد نصرالله غير الموفق وذكره بأن لا يحق لمن يسيطر على الحكم والحكومة ان يشتكي من الأزمات وكأنه في المعارضة.