سقطت مبادرة بري، فعاد الحريري الى التلويح بالاعتذار. لكن التلويح هذه المرة أقوى مما كان في المرة السابقة، وقد لا يبقى مجرد تلويح بل يتحول حقيقة. والدليل أن الحريري بدأ جولة مشاورات واتصالات لبلورة موقف نهائي من عملية تكليفه تشكيل الحكومة. أمس التقى تجمع العائلات البيروتية، اليوم زار ظهرا المجلس الاسلامي الشرعي الأعلى، ثم التقى بعد الظهر رؤساء الحكومات السابقين.
وبحسب المعلومات فان اجتماع المجلس الإسلامي الذي كان مقدرا له أن يستمر حوالى نصف ساعة فقط، امتد الى ساعة و15 دقيقة، ذاك ان الحوار تشعب بعدما برز في المجلس رأيان متناقضان. الأول، يؤيد الحريري في رغبته في الاعتذار، والثاني يعارض ذلك. معتبرا أن ذلك يشكل سابقة وينتقص من دور الطائفة السنية في التركيبة السياسية.
وحسب المعلومات أيضا، فإن الحريري ورغم تباين الاراء، ظل مصرا على موقفه لكنه ترك التوقيت الى تقديره الشخصي والتطورات السياسية والحكومية. علما أن المعطيات المتوافرة تشير الى أن الاعتذار سيحصل على الأرجح مطلع الاسبوع المقبل.
في القراءة السياسية، يبدو نبيه بري المتضرر الأول من اعتذار الحريري، كذلك حزب الله. فالثنائي الشيعي استفاد الى أقصى حد من الخلاف بين فريقي رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف، فتحول حاجة للحريري بل صار الحليف الأول والأكبر. ومعلومات عين التينة تؤكد أن بري طلب من الحريري مهلة 48 ساعة، لبث الحياة من جديد في مبادرته، علما أن أجواء بعبدا والبياضة لا تشير الى أن مبادرة بري ستتضمن عوامل جديدة قد تسهل عملية التأليف.
في الانتظار،الوضع المعيشي يتدهور ليس يوما بعد يوم بل ساعة بعد ساعة، والدولار يواصل تحليقه في فضاء الخمسة عشر الف ليرة. في الأثناء انعقدت بعد الظهر قمة أميركية – فرنسية بين الرئيس الأميركي جو بايدن والفرنسي ايمانيول ماكرون في بريطانيا، على هامش قمة الدول السبع، وقد تطرق الجانبان الى الملف اللبناني.
فهل خرج لبنان من ثلاجة الانتظار أميركيا؟، وهل نحن على أبواب تحرك دولي جديد لانقاذ ما تبقى؟، أم أن ما كتب قد كتب وأبواب جهنم ستفتح في عز الصيف؟.