بعد اجتماع المجلس الإسلامي الشرعي أمس بحضور الرئيس الحريري، يمكن التأريخ بأن كل التكتيكات والمناورات السياسية التقليدية سقطت، وصار لعب ممثلي الطوائف من أهل المنظومة يحسب بالخطوة والكلمة والموقف، بعدما استهلك هؤلاء كل الحجج وأحرقوا كل الأقنعة.
بدءا من الأمس، صار مصير الطائفة السنية ودورها بعدما فوضت الحريري ودعمته، مرهونين بأي خطوة يتخذها الرئيس المكلف، فاعتذاره هو انكفاء لطائفته وتخل عن دورها الأساسي في المعادلة السياسية والطائفية، التي يدار على أساسها البلد خصوصا منذ الطائف، وبقاؤه هو قبول بالمشاركة مع ممثلي الطوائف الباقية في لعبة التفريط بالكيان وتجويع الشعب، إن هو بقي على وضعية المتلقي وامتنع عن استخدام الصلاحيات التي أعطاه إياها الدستور، فيشكل الحكومة التي يراها هي الأفضل، رضي من رضي وزعل من زعل.
لكن رغم هذه الوقائع التي لا تحتمل التأويل والتفسير، فإن الحريري لا يزال يضع كامل أوراقه بين يدي الرئيس بري ومن ورائه “حزب الله”، وهو يعلم بأن للثنائي حساباته وهو لن يخوض معركة الحريري والسنة بل سيوظفهما في تحصين الواقع الشيعي داخليا، وفي تقوية أوراق المفاوض الإيراني على طاولات فيينا والإقليم.
يكتسب هذا التصور صدقيته من إعلان الثنائي الشيعي فشله في إقناع الثنائي عون- باسيل في قبول كل ما عرضه عليهما من أفكار واقتراحات لتسهيل تشكيل الحكومة، من دون ممارسة أي ضغط عليهما لتسهيل التشكيل في انتظار جلاء غموض موقف الرئيس المكلف.
البلاد تتقلب على نار أزمات الدواء والاستشفاء والمحروقات والكهرباء المحجوبة، في غياب أي حلول ولو آنية تخفف الآلام ولو بالتخدير.المطران الياس عودة كان الأشد تعبيرا عن ألم الناس، إذ توجه الى رئيس الجمهورية مباشرة بسؤال مركب مباشر: “فخامة الرئيس، أستحلفك بأحفادك الذين ترى الحياة في عيونهم، إنزل الى الشارع واستمع الى شعبك وعاين الذل الذي يعيشه، هل تقبل أن يموت انسان في عهدك جوعا او مرضا، هل تقبل أن يموت طفل في عهدك، هل تقبل أن يضمحل لبنان في عهدك، هل تقبل أن يهان مواطن في عهدك؟”… وطبيعي ألا يلقى عودة جوابا.
في سياق متصل، شاءت الصدف أن يعتدي مرافقو النائب جبران باسيل على سيدة في أحد مقاهي البترون، بلدة باسيل، لمجرد أنها اقتربت منه ووجهت اليه كلمات ناقدة، وقد حسبت “المعترة” نفسها في فرنسا تواجه الرئيس ماكرون.. إيه لأ ماديموازيل أخطأت الشخص والعنوان، فأنت تواجهين أناسا يخشون الشعب ويرفضون الانتقاد لكنهم يتكلون على ما أعطتهم السلطة من تسلط، لذا هم يرفضون ملازمة منازلهم ويستفزون الناس لمجرد حضورهم في الأماكن العامة ويستدرجونهم الى التعبير عن غضبهم المكتوم، ويفلتون أزلامهم عليهم للإمعان في إهانتهم، وقد دعا باسيل انصاره إثر الحادث الى الرد على أي اعتداء كلامي أم معنوي ، معلنا أن زمن الشتيمة من دون جواب قد انتهى.