وفي اللقاء التاسع عشر بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف دقت ساعة الحقيقة.
اللعبة استنفدت، الوضع الاقتصادي – الاجتماعي بلغ مرحلة الاهتراء، الدولة تتحلل، فيما الضغط العربي والدولي يزداد. لذا لم يكن امام الحريري سوى تقديم تشكيلة كاملة الى رئيس الجمهورية، راميا الكرة في ملعب بعبدا.
اللقاء المنتظر بين الرجلين منذ حوالى اربعة اشهر دام اقل من نصف ساعة، ما اوحى انه لا يمكن ان يحقق نتيجة.
وزاد الامر تأكيدا ان الحريري دخل متجهم الوجه، وخرج متجهما أكثر، و لم يرد على اسئلة الصحافيين، بل ارتجل كلمة اعطى فيها مهلة اربع وعشرين ساعة لرئيس الجمهورية، كي يوافق او لا على التشكيلة الحكومية! في الشكل… انه امر لم يحصل مثله في تاريخ الجمهورية. اذ ما هكذا تشكل الحكومات. فالتشكيل الواقعي الحقيقي يفترض قيام حوار وتشاور بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف .. لا رمي تشكيلة من اربعة وعشرين وزيرا، واعطاء مهلة اربع وعشرين ساعة، وانتظار جواب! لماذا تصرف الحريري بهذا الاسلوب المتضمن الكثير من التحدي؟ .. فتشوا عن الرئيس بري وتعليماته ! بل فتشوا عن استخدامه سعد الحريري متراسا اماميا له ، لتصفية حساباته مع العهد ومع جبران باسيل . فهل هكذا يتصرف رجال الدولة يا حضرة الرئيس المكلف؟ وكيف تحلل لنفسك ان تحول عملية التأليف متنفسا للحساسيات الشخصية وساحة لتصفية الحسابات السياسية؟
في المقابل، بعبدا تعاطت بعقل بارد مع الواقع. فبعد مغادرة الحريري التقى رئيس الجمهورية الصحافيين ودردش معهم، ورد مازحا على اعطائه مهلة وقال: “الحريري بيأمر”.
ولم يطل الوقت حتى صدر بيان عن القصر الجمهوري ورد فيه ان عون تسلم من الحريري تشكيلة حكومية تتضمن اسماء جديدة وتوزيعا جديدا للحقائب والطوائف مختلفا عما تم الاتفاق عليه سابقا، وان عون ابلغ الحريري ان التشكيلة المقترحة ستكون موضع بحث ودراسة وتشاور.
فماذا سيحصل اذا لم تنجز رئاسة الجمهورية البحث والدراسة والتشاور قبل ظهر غد كما طلب الحريري ؟ علما ان الحريري حدد موعد اطلالته التلفزيونية مساء غد، ما يعني انه اعد سيناريو متكاملا لخروجه من دائرة التكليف، وانه يريد لعملية خروجه ان تكون استعراضية شعبوية، وان تظهره بصورة البطل بعدما ماطل وسوف حوالى تسعة اشهر.
في المحصلة السياسية: الارجح ان الحكومة المنتظرة لن تولد، والاعتذار آت غدا، فاستعدوا لمرحلة ما بعد الحريري ليبنى على الشيء مقتضاه! وهي العبارة التي وردت في كلمة الحريري، ومن ثم وردت في رد قصر بعبدا. فهل اصبحنا في جمهورية “ليبنى على الشيء مقتضاه”؟