سعد الحريري خسر رهانه وخسر معركته، لكن هذا لا يعني ان رئيس الجمهورية ورئيس التيار الوطني الحر ربحا الحرب.
فالحريري اعتقد ان “الساحر” نبيه بري يستطيع ان يلين مواقف ميشال عون، ويستطيع ان يحمل حزب الله على الضغط على التيار الوطني الحر، لكن اعتقاده لم يصب.
والحريري ظن ان السعودية ستلين موقفها منه وان تدخل الامارات ومصر سيبرد المشكلة القائمة بينه وبين المملكة لكن ظنه خاب.
والحريري توهم ان فرنسا والدول الغربية الاخرى المعنية بلبنان لن تتخلى عنه لكنه توهم اغرق صاحبه في حسابات وهمية خاطئة.
لكل هذه الاسباب وسواها ارتطم الحريري بالجدار المسدود، واصبح امام خيارين احلاهما مر: اما الاستمرار في التكليف ما يجعله شريكا اساسيا في تحلل الدولة وانهيارها، او الهروب عبر الاعتذار، وهو ما حصل.
لذلك فان حديث الحريري ليل امس عن تضحية قام بها لمصلحة الوطن لم يقنع أحدا.
فالحريري كان يراهن على العودة الى السلطة وخسر رهانه لا اكثر ولا اقل.
واللبنانيون هم الذين ضحوا لا هو، لانهم دفعوا ثمن تسعة اشهر من المراوحة القاتلة والمناكفات المدمرة.
في المقابل فريق العهد لم يربح الحرب، حتى الان على الاقل.
فاعتذارالحريري لا يعني ان الطريق اصبحت معبدة بالورود.
والدليل ما حصل اليوم على صعيد الدولار.
فالعملة الخضراء تخطت كل الخطوط الحمراء، وسجلت رقما قياسيا تجاوز ال 23600 ليرة.
وهذا يعني ان الثقة اهتزت اكثر فاكثر بالحكم وبالدولة وبالمؤسسات الدستورية.
فماذا سيفعل رئيس الجمهورية وفريقه لمواجهة الواقع القاسي الصعب ؟ أمنيا، الوضع أخطر.
ليل امس سجلت سلسلة اعمال امنية اشرت، اذا استمرت وتصاعدت، الى دخول لبنان مرحلة الفوضى.
وتجنب هذا الامر يمر حتما بالوصول الى استقرار سياسي بحده الادنى.
فالامن في لبنان امن سياسي في الدرجة الاولى.
فهل رئيس الجمهورية قادر على تأمين الحد الادنى من الامن السياسي في مرحلة ما بعد الحريري؟
اي: هل سيتمكن رئيس الجمهورية من انجاز عملية التكليف ثم الوصول مع رئيس الحكومة المكلف الى تأليف حكومة توحي الثقة للبنانيين وللمجتعمين العربي والدولي؟ ام ان من ربح عليهم معركة اعتذار الحريري سيخسرونه الحرب، وسيجعلون عهده محكوما بالفراغ من الان والى آخر تشرين الاول 2022؟ في هذه الحال يكون صدق الحريري: الله يعين البلد