إذا كان اتفاق استجرار مليون طن من الفيول العراقي عن طريق المقايضة، أي النفط مقابل السلع اللبنانية والخدمات، سيمدد فرص حصولنا على الكهرباء أربعة أشهر إضافية بدلا من الخسوف الكلي الإثنين، فهل ستشكل عودة الرئيس ميقاتي الى لبنان الليلة، بارقة أمل بإمكان تكليفه الاثنين مهام تشكيل حكومة، لتبدأ رحلة إنتشال لبنان من الموت المحتم الذي بدأت معالمه بالظهور، في كل مفاصل الدولة والشعب والمؤسسات؟.
قبل الإجابة عن هذا السؤال سلبا أم إيجابا، لا بد من استعراض هادىء لما يحصل على هذا الخط. واضح أن الرئيس ميقاتي لن يقبل أن يحمل وزر التكليف من دون تأمين كل مقومات نجاحه في تشكيل حكومة، وليس أي حكومة بل حكومة تحكم بتركيبة منسجمة لا متقاتلة. في المقابل، إذا كان الأفرقاء المعنيون بطبخة التشكيل يسلمون بهذا المطلب ويعدون بالتسهيل كالرئيس الحريري و”حزب الله” ووليد جنبلاط، متهيبين الخراب العميم، فإن ميقاتي يريد أن يسمع ذلك في العلن.
توازيا، ميقاتي الذي لا يأمن جانب رئيس الجمهورية وجبران باسيل، يريد ضمانات ثابتة بأنهما لن يعرقلا مساره. وما يجعله أكثر تشددا، أن باسيل ذكره أمس بصلاحيات رئيس الجمهورية وبدوره الأساسي في عملية التشكيل، وهاجمه اليوم بواسطة مسؤولين في التيار، متهما إياه بالسرقة وباختلاس المال العام، إضافة الى إصراره على تسمية نواف سلام وعلى التدخل المباشر في عملية التشكيل.
هذا التوجس المبرر من العرقلة والأفخاخ، سيكون المادة الرئيسة والوحيدة للمفاوضات المتعددة الطرف التي تجري، وستتكثف مع عودة الرئيس ميقاتي الى بيروت. والجانب الأهم الذي يجري التركيز عليه، هو دفع جبران باسيل الى عدم تسمية نواف سلام بعد التسليم والقبول بعدم تسميته ميقاتي، وهذا تفصيل مهم لم يكن الرئيس الحريري يرضى به، بمعنى آخر أن يكفي باسيل شره عن ميقاتي.
يضاف الى ذلك أن ميقاتي يصر على تسمية فريق وزاري لا يستفز التلاوين السياسية، على أن يتكون من أختصاصيين مشهود لهم في مجالاتهم وغير تابعين. وهذا بالفعل هو اللغم الأكبر، إذ أن هذا الشرط يشكل رسالة مباشرة الى الرئيس عون، مفادها أن ميقاتي يشكل ويسمي بالتناغم معه، الأمر الذي رفضه عون للحريري، فهل من تبدل طرأ على موقفه يجعله أكثر ليونة؟.
أيام التفاوض المفترض أن تحصل من الآن وحتى موعد الاستشارات، كفيلة بالإجابة، إن رضي عون تكلف ميقاتي، وإن رفض يرفض ميقاتي التكليف أو يقبله لفترة قصيرة ومن ثم يعتذر ، لأنه لا يحتمل تكليفا طويلا من دون أفق والبلاد تتهدم .
وسط هذا المخاض، الكل ينصح طباخي المنظومة، بالانتباه جيدا الى تاريخ الرابع من آب، فالناس جائعون الى أمرين: العدالة لضحايا بركان المرفأ أي مجموع اللبنانيين، وحكومة تعيد اليهم الكرامة والاستقرار والعيش الكريم. فإن لم تحقق المنظومة هذين المطلبين قبل هذا الموعد، فإن الانفجار الشعبي سيكون أقسى وأقوى من انفجار النيترات .. وسيطيحها.