الأحد ينتهي عمليا وفعليا اسبوع العسل والغزل بين الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية. لا نرسم هذه الصورة للجزم بأنه سيكون بعد العسل بصل، لكن بعد المتابعة اللصيقة لمسار الزيارات الميقاتية قصر بعبدا، علمنا علم اليقين بأن الرجلين عملا بجهد للمحافظة على علاقة لطيفة ، ولم يخف الإثنان رضاهما عن هذا الإنجاز. أما أي استراتيجية اتبعاها لتقطيع أسبوع هادىء؟، فالإجابة بسيطة، لقد امتنع الرجلان عن مقاربة النقاط الخلافية، أكثر تحديدا الحقائب الخلافية المسماة سيادية, واكتفيا باستعراض حقائب الدرجة الثانية التي لم يكن من خلاف كبير عليها زمن تكليف الحريري.
لكن هذه المراودة عن النفس والمناغشات ستنتهي الإثنين ، لأنها تحصل والبلاد على صفيح جهنمي السخونة، وعصف الرابع من آب المتجدد بدأ يلفح الوجوه.
الإثنين إذا, سيكون ولوج حتمي في صلب الحقائب الخلافية : الداخلية والعدل “ما غيرن”، وهنا ستتطاير أوراق التين التي لا يخفى على أحد ما تخبئه وراءها من نوايا ومشاعر متبادلة بين الرجلين, إن على الصعيد السياسي أو على الصعيد الشخصي. نعم، عندما تتم مقاربة حقيبتي الداخلية والعدل فالرئيس ميقاتي هو نسخة ضاحكة ولينة عن الرئيس الحريري لكن جوهرهما واحد، أي أنه ليس مستعدا للتخلي عنهما.
في المقابل، الرئيس عون في هذه القضية هو نسخة غير منقحة عن نفسه، وعينه على الداخلية أو لا حكومة. ولا يبدو أن رياح الرابع من آب ولا الكوارث الاقتصادية والاجتماعية ستغيران في موقفي عون و ميقاتي. من هنا، فإن جل ما يتمناه اللبنانيون هو ألا يتمسك ميقاتي بالتكليف إن وصلت الأمور الى حائط مسدود.
علما بأن فشل التشكيل سيصيب مؤتمر مساعدة لبنان في الرابع من آب بعطب أساسي، وسيؤكد وضعيته كدولة فاشلة لا تستحق سوى المساعدات الانسانية وبعض الدعم للجيش كحارس لهيكل الجمهورية المتداعية، ولتكتمل الصورة صدرت عقوبات الاتحاد الأوروبي المنتظرة في حق مسؤولين لبنانيين، بعد إسقاط اعتراض هنغاريا التي تربط رئيس وزرائها فيكتور اوربان علاقة خاصة بالنائب جبران باسيل.
توازيا، وفي ما يشبه التنفيسة الاستباقية لغضب الناس على فشل محتمل للتشكيل، وامتصاصا لنقمة ضحايا الرابع من آب، أعلن الرئيس عون استعداده للإدلاء بإفادته للمحقق العدلي في ملف انفجار المرفأ، إن طلب منه ذلك. الخطوة الرئاسية جاءت متأخرة جدا إلا أنها ضربت كل بواشق المنظومة المختبئين خلف حصاناتهم النيابية والطائفية، ونسفت التهريجات الدستورية التي لجأوا اليها لتعطيل التحقيق. توازيا، الأسود السياسي المنبعث من حريق الدولة، لا ينافسه في السواد إلا دخان الحرائق المجرمة التي أتت على أخضر عكار الدهري وعلى مساحات من أخضر البقاع، وهول الكارثة بعد الانحسار النسبي للحرائق شبيه بهول ما بعد انفجار المرفأ في المقاييس البيئية…