هل بدأت الفتنة من خلدة؟ وهل ما كنا نخشى منه حصل؟ ما جرى في خلدة اليوم غير مقبول بكل الاعراف وبكل القراءات. انه استباحة كاملة لهيبة الدولة ودورها، وانه جزء من مخطط إعادة لبنان الى عهد العصابات المسلحة وقطاع الطرق.
مسلحون كمنوا لموكب تشييع الشاب علي شبلي الذي قتل أمس في جريمة ثأر، وأدى الكمين الى سقوط أربعة قتلى على الأقل إضافة الى عدد كبير من الجرحى. كل هذا والاجهزة الأمنية شبه غائبة.
كل هذا والأمن الوقائي غير موجود، علما أن التنبه كان أكثر من ضروري، وخصوصا أن الوضع في المنطقة متوتر من الامس، وأن الاحتقان في الشارع يفرض نشر قوى امن لحماية الناس. مع ذلك، التدابير لم تكن على قدر الأحداث فتطورت الامور بالشكل الدراماتيكي الذي تطورت به، ولولا تدخل الجيش لساءت الأمور أكثر.
فماذا بعد؟ هل تنتهي الأمور هنا أم ان ما نشهده هو بداية، وخصوصا أن لا امن حقيقيا في لبنان في غياب الأمن السياسي والأمن الاقتصادي والأمن الاجتماعي؟
في الأحوال كلها، حادثة خلدة يجب ان تكون درسا وعبرة. فهذه نتيجة السلاح المتفلت، بمعزل عن الجهة التي تحمله، وهو لا يمكن أن يؤدي إلا الى الاشتباكات والقتل والموت. ففي عيد الجيش كلمة الى كل قوى الأمر الواقع: سلموا بأن لا سلاح إلا في يد الجيش اللبناني وسلموا سلاحكم للجيش، فتسلم الدولة ويسلم الناس.
ومن الوضع الأمني المتفلت، الى الوضع الحكومي الذي يسير على طريق التفلت من جديد. فما لم يكتشفه الحريري في الشهر التاسع، يبدو أن “النجيب” اكتشفه في اليوم السابع. التفاؤل الذي وسم الأسبوع المنصرم هو على طريق التبدد، والأجواء بين فريقي العهد ورئيس الحكومة المكلف متوترة وتنبئ بالتصعيد.
مستشار رئيس الجمهورية بيار رفول قال في حديث تلفزيوني ليل أمس، إنه في حال بقي ميقاتي على شروطه فانه “بيروح متل ما راح الحريري”. وقد ردت مصادر مقربة من ميقاتي على رفول مستعيرة جملة من مسرحية للرحابنة هي: “روح روح يا بلا مربى”. اللافت أن تصريح رفول جاء بعد زيارة صباحية له الى قصر بعبدا، ما يدل على ان المستشار حمل رسالة، والواضح أن ميقاتي أحسن قراءة الرسالة إذ قال لمن التقاهم: الرسالة وصلت بمضمونها وتوقيتها.
فهل الاحتقان الظاهر بين الطرفين يمكن أن يبدده اجتماع عون وميقاتي غدا في القصر الجمهوري؟ الأرجح أن الاجتماع الرابع لن يحقق نتيجة ايجابية، فكل فريق على موقفه. عون يريد وزارة الداخلية وميقاتي لا يستطيع أن يعطي عون ما أحجم الحريري عن اعطائه إياه. إنها المعضلة إياها تتكرر باسماء مختلفة. فهل يتكرر الاعتذار أيضا؟ ومتى؟