IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار “mtv” المسائية ليوم الخميس في 12/08/2021

إذا كانت الشعبوية تعبيرا مبهما أو غير مفهوم من البعض، فان ما رأيناه بين عصر الاربعاء وطيلة اليوم الخميس، يشكل أفجر وأبشع تجليات الشعبوية الرخيصة تمارسها سلطة وطنية لا سلطة احتلال بحق شعبها.

عصر أمس اجتمع المجلس الاعلى للدفاع برئاسة رئيس الجمهورية ولم يبحث قضية صواريخ شويا، بل بحث مسائل مالية اقتصادية ملحة.
كان حاضرا في الجلسة، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وكان إجماع على أن لا قدرة للمركزي بعد اليوم على دعم المحروقات لأن دعمه المتمادي لها استنفد احتياطاته من العملات الأجنبية، وهي عمليا ما تبقى من ودائع اللبنانيين ، فكان قرار بوقف الدعم.

لكن ما إن أصدر سلامة القرار حتى استفاق حسان دياب من غيبوبته منتقدا, داعيا الى وقف القرار، وتبعه رئيس الجمهورية الذي كان حاضرا وموافقا، ليتولى جبران باسيل بعدها الإجهاز عليه بشعبوية مثيرة للاستهجان .

لسان حال الثلاثة أن سلامة استعجل القرار وهم كانوا في صدد إنجاز البطاقة التمويلية، التي لو انتظر صدورها بضعة أيام لكان رفع الدعم جاء أقل ضررا وتأثيرا على اللبنانيين.
في الشكل كنتم كلكم في الجلسة حضوريا أو عن بعد، وجميعكم وافقتم على القرار.
في المضمون، هل سلامة هو الذي استعجل، أم أنتم بمماطلتكم وامتناعكم عن رفع الدعم زمن حكومة دياب، مضاف اليها سنة بعد استقالته، أوصلتم البلاد الى ما وصلت اليه من كوارث، وهل البطاقة التمويلية هي الحل وحدها، أم تشكيل الحكومة التي تمعنون في منع قيامها هو الحل؟.

وهل تشكلت الحكومة في الزيارة الثامنة لميقاتي قصر بعبدا اليوم ؟ وهل ستلومون انفسكم على عرقلة التشكيل ؟ طبعا لا. هذا يقودنا الى استنتاجين، أخلاقي وعملي :في الأخلاقي، إن تصرفاتكم الملتوية تنم عن رغبة مكشوفة بتأخير استحقاق رفع الدعم الى حين أنتهاء عهد عون سعيا الى عدم تحميله تبعة القرار غير الشعبي الذي قد تدفعون ثمنه في الانتخابات، هذا إن سمحتم بحصولها.

في العملي، إن تأجيل رفع الدعم هو إمعان سافر في قتل اللبنانيين وتدمير الاقتصاد، وأنتم تعلمون أنه قرار مر، لكن لا بد من اتخاذه، واتخاذه اليوم افضل من اتخاذه غدا.

في السياق، شعبوية جبران باسيل وتشاطره على سلامة ومنعه تشكيل حكومة، إن استمرت، وهي ستستمر، فإن نتائجهما ستكون أسوأ من معرفة المسؤولين بالنيترات وامتناعهم عن رفعه من المرفأ، ما تسبب بالمجزرة الانسانية والعمرانية والاقتصادية.

شعبوية فاجرة من نوع آخر، كان مسرحها قصر الأونيسكو، حيث اختلط التعالي على القانون بالاعتداء على الدستور، والتنكر للتفويض الشعبي، كل هذا للالتفاف على المحقق العدلي.

وقمة المسخرة أن اللبنانيين وأهالي ضحايا المرفأ، الذين ضربوا وأهينوا أمس في محيط عين التينة على ايدي حراس بري، شهدوا بأم العين اليوم محاولة ثانية لاغتيال أبنائهم، وكان شعورهم يتمايل بين الخوف والقرف: الخوف على العدالة من الاغتيال, والقرف، لأنهم رأوا أن نواب العار فرحوا ولم يخجلوا جراء فقدان نصاب الجلسة، فقد ربحوا وقتا مستقطعا ثمينا سيستغلونه لتحصين مواقعهم وتجميع صفوفهم للقضاء على القضاء.