عكار تلملم جراحها وتنتفض على اوجاعها بكبر، فيما الطبقة السياسية تتلقى يوميا إهانة جديدة على ادائها الملتبس. اليوم، كان دور السفيرة الاميركية دوروثي شيا، التي التقت على التوالي رئيس الحكومة المكلف ورئيس الجمهورية. السفيرة الاميركية ابلغت الرئيسين رسالة شديدة اللهجة فحواها: شكلا حكومة الآن، وإلا فإن الوضع ذاهب باتجاه الانهيار الكبير، وحتى باتجاه الكارثة.
جوابا عون وميقاتي ظلا في دائرة الكتمان، لكن ما برز بعد الاجتماع بينهما لا يوحي أن التأليف قريب. فاجتماع بعبدا لم يستمر طويلا اذ لم يتجاوز الخمس وثلاثين دقيقة. وميقاتي لم تبد عليه ملامح الارتياح بعد الاجتماع، ما أوحى للصحافيين أنه على مسافة متساوية بين النجاح في التشكيل وبين الفشل.
ووفق المعلومات فإن عقدا كثيرة برزت في اجتماع اليوم تتعلق بالتشكيل وبما بعد التشكيل، بحيث ارتأى الجانبان تأجيل البحث إلى اجتماع آخر، بعد أن يدرس كل منهما خياراته على حدة. فهل الضغط الدولي، ولا سيما الأميركي سيؤدي إلى تصاعد الدخان الأبيض حكوميا، أم أن المسؤولين عندنا “دق المي مي”، ولا يحبون إلا الدخان الاسود، وجريمتا مرفأ بيروت والتليل خير دليل على ذلك؟
مقابل الدولة شبه المنهارة، الدويلة تعزز اوضاعها لتوحي للاقربين والابعدين انها اقوى من السلطة الشرعية ومن الدولة. آخر فضيحة تتجلى في تأكيد الامين العام ل”حزب الله” ان النفط الايراني سيصل قريبا الى لبنان. وقد انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو لصهاريج تحمل عبارة “شكرا ولاية الفقيه”، كما علم ان البنزين والمازوت الايرانيين سيوزعان على محطات “الامانة” التابعة ل”حزب الله”. هذا متى وصلا. لكن ماذا قبل الوصول؟ اي من اي طريق سيأتينا النفط الايراني؟ هل بحرا ما يشكل خرقا للحظر المفروض على ايران ويعرض لبنان لعقوبات دولية موجعة؟ ام برا عبر المعابر الشرعية ما يعني عقوبات دولية مؤكدة؟ اما اذا اتى النفط الايراني من معابر غير شرعية فهذا يثبت ان “حزب الله” هو الذي يسيطر على المعابر غير الشرعية شرقا، وهو الذي يساهم بالتالي في التهريب الى سوريا.
كل هذا يجري فيما المسؤولون لا يتكلمون على الموضوع كأنه لا يعنيهم، وفيما وزير الطاقة غائب عن السمع والبصر والتعليق. فهل هذا هو لبنان القوي الذي يعدنا به رئيس الجمهورية وفريقه؟ وايضا اين رئيس الحكومة المستقيل- المعتكف والوزراء المعنيون؟ واخيرا اين نواب الامة لا يتكلمون ويرفعون الصوت ويحتجون؟ فيا ايها اللبنانيون، ما تنسو ترجعو تنخبون هني ذاتن!