مسكين الثلث المعطل، يحمل وهو الرقم الجامد الأخرس مسؤولية تعطيل تشكيل الحكومات وقرقشة الرؤساء المكلفين الواحد تلو الآخر ثلاثة في سنة، والحبل على ما يبدو على الجرار إذا تجرأ سني جديد على تولي المهمة بعد نجيب ميقاتي إن وصل به الأمر حد الاعتذار.
الثلث المعطل المسكين الذي حمل اسم الثلث الضامن في زمن قضم المؤسسات، هو ببساطة قناع لسلطة شرعية ومعنوية وقانونية لها اسم، وهذا الثلث له وظائف متعددة : الأولى نسف التشكيلات الحكومية التي لا تعجب الرئيس عون وفريقه. الثانية، إن شكلت الحكومة يكون له القدرة على الإمساك بقراراتها. الوظيفة الثالثة والأهم هي السيطرة والتحكم بإدارة البلاد بعد سقوط مؤسسات الدولة وتعطيل استحقاقاتها وما ينتج عن ذلك من فراغ. الرابعة، رمزية تحفيزية، وتتلخص في تعويد آذان الناس على فكرة المثالثة التي تراود الفريق الرئاسي وتناسب حلفاءه وترفع منسوب تعلقهم به على رأس السلطة.
انطلاقا من هذه الحقائق، يصبح التعويل على الوساطات، كائنا من توسط ومهما علا شأنه، ضربا من الانتحار اللاإرادي ومساهمة في إطالة عمر الأزمات وتخفيفا للمسؤولية عن كاهل المعرقلين وعمرا جديدا لهذا التكتيك القاتل للدولة والشعب، إذ يجد معتنقه أنه فعال ويلبي الاحتياجات وبالتالي لا حاجة الى العودة عنه والتفتيش على سلاح فتاك آخر. هذه الاتهامات استدعت ردا رئاسيا عنيفا.
فالبيان الرئاسي رفض اتهام أقلام ومرجعيات سياسية الرئيس عون بالتمسك بالثلث المعطل متهما من يرشقه بهذه التهمة بأنه لا يريد تشكيل حكومة، ويرفض الاصلاحات ومكافحة الفساد وملاحقة الفاسدين.
تزامنا، صدر بيان عن مكتب الرئيس المكلف هاجم فيه رئيس الجمهورية وفريقه من دون أن يسميهما واتهمهما بتسويق السيناريوهات والتسريبات الإيجابية لاتهامه بالتعطيل، مؤكدا أنه لم يلتزم بأي أمر نهائي الى حين إخراج الصيغة النهائية وكل ما يقال عكس ذلك عار من الصحة جملة وتفصيلا.
مما تقدم يسهل الاستنتاج بأن وساطة اللواء عباس ابراهيم وصلت الى حائط مسدود كما يسهل التأكد بأن كل الاقتراحات والهندسات التي استخدمت لتسهيل التشكيل سقطت هي الأخرى ومعها ظهر للرأي العام المحلي والدولي زيف التشكيلات الوردية التي رميت في التداول وتحدثت عن قرب ولادة الحكومة والتي تبين أن الغاية منها التعمية والتضليل.
وفيما عربة الدولة تسلك طريقها وسط جهنم، والأوضاع في البلاد الى المزيد من التدهور، باخرة المحروقات الإيرانية التي سلكت طريقها الى مرفأ بانياس السوري، ستحرق علاقات لبنان مع المجتمع الدولي من دون ان يصلنا من حمولاتها الكثير، كما ستتسبب بضرر بيئي أكيد، إذ يجمع الخبراء على أن نوعية محروقاتها هي من الأسوأ في العالم.
بعد هذه الكوارث الاخلاقية والسياسية والاقتصادية، إن بقيتم أيها اللبنانيون أحياء، ما تنسوا ترجعو تنتخبون هني ذاتن!…