أما وقد صار لنا حكومة، بعد ألف شبر وندر، وبما أن الولادة الميمونة حصلت في الويك أند، لا بد أن رئيس الحكومة، الذي صار اليوم فعليا المسؤول الأوحد عن أداء حكومته، لأن رئيس الجمهورية الذي افتعل المعارك الطاحنة لمشاركته في التشكيل، سيتركه وحيدا لمصيره الآن. لا بد لميقاتي أن يتمهل ويفكر بجملة أسئلة تطرح نفسها بقوة ويتعين على ميقاتي وكل من شاركوه الرحلة الحكومية أن يجيبوا عنها في قابل الأيام: هل شكلنا حكومة متجانسة، أم حكومة الأهواء السياسية المتعارضة والشخصية والعشائرية والإقليمية؟ هل انتقينا الأفضل في كل حزب وطائفة ومذهب لتولي المسؤولية في هذا الظرف المأسوي الذي يمر فيه لبنان؟ كيف لحكومة شكلت بهذه التوازنات المعتورة والأثلاث المعطلة، وكل شيء فيها واقف “عا صوص ونقطة”، أن تتفق على بيان وزاري هادف وعلمي وأن تتمكن من الإقلاع والعمل كفريق متجانس، فتطمئن شعبها والدول المنتظرة منذ ثلاثة عشرة شهرا لمساعدتنا؟ هل يستسلم الرئيس ميقاتي ووزير الخارجية عبدالله بوحبيب لسيطرة حزب الله على دفة السياسة الخارجية واستسلام الرئيس عون لمشيئته، وهل سيسكتان الوزراء المؤلهين والمؤهلين للأسد، الشاتمين ضمنا الدول العربية الصديقة؟ وأي مصير اقتصادي ومالي وإنمائي للبنان إن ظلت رئته العربية والدولية مسدودة؟
إذا جاءت الإجابات عن هذه الأسئلة ملتبسة أو ظلت من دون إجابات، فهذا يعني أننا انتقلنا مع هذه الحكومة من مرحلة التكليفات الطويلة والفاشلة التي استنزفت الدولة وأماتت الشعب، الى مرحلة الحكومات الديابية القاتلة وغير الفاعلة، فنكون بذلك أرحنا اثنين وقتلنا شعبا ووطنا: حزب الله الذي نزع عنه وصمة التعطيل وإيران التي اكتسبت من تسهيلها التشكيل شرعية انتداب نفسها للسيطرة على لبنان وانتزعت موافقة دولية على هذا الدور، والأنكى في الأمر أن طهران لم تكذب ولم توارب فهي وعدت بتسهيل التشكيل لكنها لم تعد بتسهيل عمل الحكومة. أما المرتاح الثاني، فهو الرئيس عون الذي نزع عن نفسه وفريقه، تهمة تعطيل الحكومات ليمسك في المقابل كل وسائل فرملة العمل الحكومي وحنفياته، يسير بما يناسبه ويعطل ما لا يرضيه. أمر آخر مقلق جدا لا يمكن إغفاله، ظاهرة الوزراء الجدد الذين يتعايشون ويتناغمون مع طقوس القرون الوسطى وحفلات العربدة بالرصاص، فإذا نزع هؤلاء أسلحتهم عندما يدخلون وزاراتهم وفي جلسات مجلس الوزراء، فكيف ينزعون من نفوسهم وعقولهم ذهنية العشيرة والميليشيا؟ أما الوزراء المتخلفون كذلك الذي دعا اللبنانيين الى التخلي عن الحفاضات، كيف لمثل هذا الوزير الذي يستفز كلامه الأمعاء ويستدعي الإكثار من استخدام الحفاضات، كيف يمكن ائتمانه على الشؤون الاجتماعية. في النهاية، للمحافظة على هذه النوعية العاطلة، ما تنسو ايها اللبنانيون ترجعو تنتخبون هني ذاتن.