بعدما صار للبنان حكومة إثر ألف نذر وصلاة، ترتفع الانتظارت وتكبر التوقعات بأن فرجا ما، يجب أن يشرق على لبنان الغارق في الأزمات القاتلة. و لا شيء يقنع اللبنانيين المنتظرين على حفافي البؤس والعوز، بأن عائقا ما، اسمنتيا أم حجريا أم بشريا أم اقليميا أم دوليا، يمكن أن يقف في وجه الحكومة، يحول دون تحقيقها الانجازات الأساسية البسيطة، التي تؤمن المستلزمات الأولية التي يحتاجها الشعب، وتدفع اليها الدول الصديقة. غير أن مساحات الإحباط تكبر بتقدم الأيام والساعات، إذ يلمس الناس وأصدقاء لبنان المتحلقين حول فراشه بأن مصدر الأزمات لبناني ، وموانع الحل لبنانية.
والمثير للاستهجان أكثر أن المنظومة لا تزال تساوي ، بل تميل الى الانصياع الى المعرقلين المحليين ، وتعطي الأفضلية الى المعرقلين الإقليميين . فالحكومة لم تتفاعل إيجابا مع العروض الفرنسية والألمانية ، اي أنها لم تعد برنامجا ، ولم تتحرك لحسم ملفي الكهرباء وإعادة إعمار المرفأ ، وهي تفضل حتى الساعة إلهاء الناس ومراوغة الدولتين الصديقتين باستجرار غاز من هنا ، وكهرباء من هناك ، حتى أن مجلس الوزراء أرجأ الليلة بندي الكهرباء لوجود وزير الطاقة في الخارج ، بسيطة ما في شي مستعجل.
في هذه اللحظات المفصلية يحط وزير الخارجية الإيرانية في لبنان، وزيارته اشبه بنقطة لاغية لكل العروض الانمائية والسيادية الدولية والعربية ، وقد مهد حزب الله للزيارة برسم علامات استفهام حول المفاوضات مع صندوق النقد، وهو يجهد جهارا لفصل لبنان عن المجتمع الدولي وربطه عسكريا ونفطيا وكهربائيا وإعماريا وتربويا بايران. ولا يسعنا ان ننسى عمل الحزب الدؤوب لتعطيل المسار القضائي في قضية تفجير المرفأ وفرضه ظلالا سميكة من الشك على عملية ترسيم الحدود البحرية، فيما يستعد المتهمون، المستقوون بالأخ الأكبر، لهجمة ساحقة على القاضي بيطار.
هذا المسار بهت اتصال الرئيس بايدن بالرئيس عون، واستدرج شجب مجلس المطارنة الذين اعتبروا أن “لا نفع لدولة لا تظللها العدالة ولا جدوى من مستقبل لها يخنقه الاجرام المتفلت والمحمي من النافذين داخليا وخارجيا”. وسط هذا التردد الرسمي غير البريء في التعاطي مع الملفات الحياتية والإنمائية والاستراتيجية والسيادية ، لبنان مهدد بخسارة موارده الطبيعية، وشعبه يغرق في العتمة و يرزح تحت أثقال التضخم وارتفاع الأسعار، وقد عادت خطوط الطوابير تتمدد وتستطيل أمام محطات الوقود مترافقة مع معلومات عن ارتفاع كبير سيطرأ على اسعار البنزين الخميس. نعم كل المؤشرات تدل على أن اركان المنظومة يعجلون في إنجاز تفليسة الدولة لذلك، يا لبنانيي، هون وبالخارج، ناضلوا من أجل أن تحصل الانتخابات، شاركوا فيها بكثافة، وما ترجعو تنتخبون هني ذاتن