البلاد تسير على غير هدى متعثرة بالملفات المالية والقضائية والدبلوماسية بتداعياتها الأمنية والاقتصادية وإسقاطاتها الخطرة على الأمن القومي، ما وضع لبنان الدولة والكيان امام الانهيار المحتوم.
على غير هدى، لأن الحكومة لا تملك حلا ناجعا ولا نظرة واحدة الى أي من هذه القضايا الوجودية المطروحة.
ففي ملف القضاء، وقد صار القضاء قضية ، نقلت المنظومة المعركة الى داخل قصر العدل على خلفية التحقيق في انفجار المرفأ، وأقحمت رجالها المزروعين داخل هذا الجسم، فاستخدموا تعابير المعجم القضائي، لكنهم حرفوها عن مقاصدها الأساسية التي هي تحقيق العدالة والمساواة بين الناس.
أما في الشأن الدبلوماسي، وتحديدا في الأزمة المستعصية المتدحرجة مع العربية السعودية ودول الخليج، فرئيس الحكومة لم يتمكن بعد، ويبدو أنه لن يتمكن مطلقا من إيجاد المخرج الضروري لإزالة السبب المباشر لهذه الأزمة، عنينا الوزير قرداحي، الذي يستغل هذا التراخي ويتحصن بحماية حزب الله.
في السياق، أعلنت الإم تي في ان السفارة السعودية في لبنان أوقفت منح التأشيرات من بيروت وكل أنواع المعاملات، مع نية بمواصلة الرفع المتدرج للتدابير وصولا الى الإقفال النهائي للسفارة.
ولإقفال كل السبل الى الحلول، أطل السيد حسن نصرالله في يوم الشهيد مطلقا النار غزيرة على مختلف الملفات الساخنة بما عمق الهوة بين اللبنانيين وبنى جدارا عاليا مع السعودية والخليج.
ففي معرض تمسكه بكل شبر أرض وكل كوب مياه وكل ثروة لبنانية انطلاقا من ترسيم الحدود البحرية، تناسى السيد حسن أن إقفال ابواب رزق اللبنانيين وقطع صلات لبنان بالأسرة العربية يشكل تخليا سافرا عن ثروة الثروات وعن مقومات السيادة التي تقوم على البشر قبل الرمل والمياه.
وعندما تطرق الى الأزمة مع السعودية اعتبر بأن المملكة تعاقب كل لبنان في معرض معاقبتها حزب الله الذي تتهمه زورا بالتدخل هناك.
وفي العمارة الجدلية نفسها رفض السيد حسن مقولة أن حزب الله يسيطر على لبنان رغم أنه الحزب الأكبر والأكثر تأثيرا على حد تعبيره ، بدليل أنه لم يتمكن من قبع القاضي بيطار، لكنه أغفل أن عظمة هذا التأثير تنبع من السيطرة على الدولة العميقة عبر الثنائي، وعبر الغطاء الذي يقدمه له رئيس الجمهورية، وعبر وهج السلاح عندما يعجز الدستور المحرف، وتخونه صناديق الاقتراع.
من دون هذه الثلاثية يا سيد حسن، ما كنت لتتمكن من تعطيل التحقيق القضائي وتعطيل الحكومة وكل حكومة سابقة أو لاحقة، ولما كان الشعب والجيش يجوعان ويتألمان والدولة تنهار.
توازيا ، وبما أن التصعيد والتعطيل يستهدفان فيما يستهدفانه تعطيل الانتخابات، أيها اللبنانيون تمسكوا بهذا الاستحقاق كرافعة للتغيير، و أوعا ترجعو تنتخبون هني ذاتن.