في الشهر نفسه من العام 2019 أكلت النار معظم أخضر لبنان قبيل ثورة 2019 وعيد الاستقلال بأقل من أسبوع، ومنذ الأمس تلتهم النار الأخضر الحي الباقي، وكأنها صارت موسما أو فصلا من فصول السنوات السود. المفارقة في ما يجري أن النار الموسمية همدت ونار الثورة انطفأت، لكن نار المنظومة لا تزال متواصلة مستمرة تأكل كل قدرات الدولة ومؤسساتها من دون أن يتمكن أحد لا في الداخل ولا في الخارج من إخمادها، وقد أتت على الدولة وهجرت اللبنانيين في ديار الله الواسعة. وإذا كان شكر الدفاع المدني يفرض نفسه على كل اللبنانيين لاستبسال رجاله في تلبية نداءات الاستغاثة التي تنهال عليهم من كل قرية ومنطقة على مساحة لبنان، فيما هو يحتاج الى كل ساعد ومساعدة، فإن السلطة التي تطفىء حرائق الدولة ومؤسساتها بالتصاريح الكاذبة والسجالات العقيمة وبنزين التوتير المذهبي، تستحق كل شتيمة وعقاب لأنها تقود الدولة الى زوال محتم وعن سابق تصور وتصميم. هذه الدولة، ايها اللبنانيون، التي تعمل تحت أمرة الدويلة ومرشدها، أعدت العدة لتحويل الأسبوع المقبل محطة فاصلة لضرب التحقيق المهني في قضية المرفأ، تمهيدا للبدء في تحقيق كاذب مفبرك يتبع ملف التفجير المدني الأضخم في تاريخ لبنان والبشرية، بما سبقه من تحقيقات طاولت الأمن القومي واستهدفت رؤساء جمهورية وحكومات وشخصيات دينية وسياسية كانت تناضل لإنقاذ لبنان من الاحتلال بشرا وحجرا ونموذج حياة.
التفاصيل المتوقعة لعملية الإطباق على البيطار، تقول بإنه وبعد تعذر قبعه عبر السلطة القضائية بفعل الممناعة الشرسة التي يبديها رئيس مجلس القضاء سهيل عبود مع باقة من القضاة الشرفاء، سيتم اللجوء الى تطويق البيطار من خلال زاروب قضائي موال أو بقانون من مجلس النواب يخطف منه الحق في ملاحقة الوزراء والنواب، وبالتوازي يتم تطويق عبود باختراق مجلسه، اي بالطريقة التي تمت السيطرة فيها على المجلس الدستوري. أما العنوان التضليلي الكبير فهو أن البلاد ما عادت تحتمل تعليق جلسات مجلس الوزراء، وأمام عدم تراجع حزب الله عن تعطيل الحكومة قبل استحواذه على رأس البيطار، تم تطبيق هذه الخطة. وفي اعتقاد المنظومة أن استئناف مجلس الوزراء عقد جلساته سيسكت الناس الجائعين، لأن ذلك سيتيح للحكومة إطعامهم وتطبيبهم وتأمين القروض، وكل الخزعبلات التي ما عادت تنطلي على أحد. هذا الأداء الانقلابي هو استفزاز للعالم ودعوة سافرة له لكي يتخذ المزيد من العقوبات والتضييق على لبنان. وبعد، أليست الاستراتيجية نفسها هي التي تعتمد مع السعودية ودول الخليج؟ ألا تشبه هذه الاستراتيجية خطاب السيد حسن الذي أحرق كل المراكب مع العرب بعيد اندلاع أزمة القرداحي؟ في السياق، إن الانقلاب الذي تعده المنظومة لا يتوقف عند تدمير القضاء والمؤسسات، بل يستهدف بالمباشر الاستحقاق الانتخابي كعنوان للتغيير، لذا ناضلوا ايها اللبنانيون للحفاظ عليه، صوتوا بكثافة، بس ما ترجعوا تنتخبون هني ذاتن.