لا جديد تحت شمس الحكومة، وكل ما تردد بين امس واليوم عن امكان عقد جلسة لمجلس الوزراء الاسبوع المقبل تبدد سريعا. صحيح ان الرئيس ميقاتي اشتاق الى ان يمارس دوره الدستوري في الدعوة الى جلسة لمجلس الوزراء.. وصحيح ان رئيس الجمهورية يرغب بشدة في عقد مثل هذه الجلسة لاسباب كثيرة.. لكن الصحيح ايضا ان حزب الله لن يحضر جلسة قبل ايجاد حل لمطلبه بقبع القاضي طارق البيطار، وهو ما اعلنه بصريح العبارة نائب الامين العام لحزب الله نعيم قاسم امس، وعاد وكرره الشيخ نبيل قاووق ولو باسلوب الطف اليوم، اذ اعتبر ان هناك فرصة حقيقية لمعالجة الشأن الحكومي على قاعدة تذليل اسباب التعطيل، اي ايجاد حل لقضية البيطار. لكن المعلومات المتوافرة تؤكد ان الطريق للوصول الى تسوية على حساب القاضي البيطار ليست سالكة ولا آمنة. فالسلطة القضائية ترفض ان تمس استقلاليتها وان تدخل الملفات القضائية في بازار السياسة ودهاليز الصفقات. في المقابل فان السلطة السياسية لا تريد على ما يبدو ان تتدخل مع السلطة القضائية، كما انها لم تبحث حتى الان عن مخرج سياسي للمأزق القائم. فطالما ان الوضع كذلك، فلماذا اكد ميقاتي امس انه سيدعو الى جلسة لمجلس الوزراء، ولماذا قال عون ان مجلس الوزراء سيعود الى الانعقاد قريبا؟ الارجح ان كل ما يقال هو في اطار اثبات حسن النية تجاه اللبنانيين، وخصوصا تجاه المجتمع الدولي. فميقاتي الذي سيلتقي البابا فرنسيس منتصف الاسبوع الطالع يريد ان يحمل معه قرارا مبدئيا بعقد جلسة حكومية ما يشكل بادرة حسن نية. لكن هل بالنيات فقط تنعقد جلسات الحكومة؟ وهل القرار المبدئي بالانعقاد كاف لمواجهة قرار عملي بالتعطيل اتخذه حزب الله؟
اذا، اهل السياسة يواصلون حروبهم، فيما اللبنانيون اليائسون يواصلون هروبهم. فبعد حادثة اللجوء السياسي الى اسبانيا امس لمجموعة من اللبنانيين، ادى تعطل زورق في المياه اللبنانية اليوم الى اكتشاف عملية هرب لبنانيين، حاولوا مغادرة الوطن بطريقة غير شرعية. فيما افادت معلومات من تركيا انه تم توقيف عدد من اللبنانيين كانوا غادروا لبنان ايضا بطريقة غير شرعية. المفارقة الموجعة ان كل عمليات الهروب هذه تحصل، ولبنان يستعد للاحتفال بالعيد الثامن والسبعين للاستقلال. فأي قدر اسود يلاحق اللبنانيين: ان يحتفلوا بعيد استقلال وطنهم، فيما صار حلمهم وهدفهم ان يهربوا من بلدهم، بعدما تعبوا من طبقة سياسية فاسدة، ومن منظومة تستبيح كل شي في سبيل صفقاتها ومحاصصاتها؟ بمعزل عن كل شيء، المؤكد ان الحل ليس بالهرب بل بالمواجهة. والمواجهة المقصودة هي المواجهة السياسية الديمقراطية. وهذا ما ظهرت بشائره في نسبة تسجيل المنتشرين للانتخاب، اذ سجلوا رقما قياسيا فلامس عددهم ال232 ألف ناخب مسجل، علما ان هذا العدد لا يزال مرشحا للارتفاع في الساعات القليلة المتبقية. فايها اللبنانيون في لبنان وبلدان الانتشار: الاحباط غير مرغوب، والهرب ممنوع. السياسيون الفاسدون يريدون لكم ان تستسلموا فلا تحققوا رغبتهم اللئيمة. اذهبوا بكثافة الى صناديق الاقتراع عندما تأتي الساعة، وصوتوا بثقة للتغيير وللتخلص من طبقة سياسية باعت نفسها للشيطان وباعتنا وباعت لبنان. ايها اللبنانيون اينما كنتم: عندما تدق ساعة الحقيقة تذكروا اين كان بلدنا واين اصبح، تذكروا ما فعله مجرمو السياسة بنا وبكم، واوعا ترجعو تنتخبون هني ذاتن.