من مفارقات التاريخ، وتحديدا في منطقتنا، أن الجيوش استسهلت دائما الانقلاب على الديموقراطيات وسيطرت على مقدرات الدول وعلقت الدساتير وفرضت حالات الطوارىء، مرة باسم محاربة فساد، ومرات لتركيز المجهودات القومية لمحاربة اسرائيل. في لبنان مفارقتان نقيضتان: ظلامية ومضيئة. الظلامية، تجسدها قوى المنظومة السياسية التي تنفذ انقلابا على الدولة خدمة للخارج وسعيا الى منافع شخصية، أما المضيئة، فبطلها الجيش الذي يحافظ على الديموقراطية ويحميها في انتظار صحوة ضمير او انتفاضة شعبية تغييرية، وهذا ظهر براقا في ساحة وزارة الدفاع المساحة الوحيدة الحرة، غير المساحات الحرة المكتومة في صدور اللبنانيين، حيث يكتسب الاحتفال بالاستقلال كل ابعاده السامية ومعانيه.
اللحظة السوريالية في وزارة الدفاع، أن الجيش احتضن المنظومة الانقلابية وتركها تترأس العرض وقدم لها السلاح وعزف ألحان التعظيم . وقمة الاستخفاف باللبنانيين، أن ثلاثي المنظومة ركب سيارة واحدة موحيا للناظر بأنه تراجع عن طلاقه وبأن موجة الاستقلال غمرته وبأنه سيعلن حالا من بعبدا استئناف جلسات مجلس الوزراء. لكن لا، إن شريعة الدويلة ورفضها اجتماع مجلس الوزراء قبل نحر القضاء وفصل لبنان عن محيطه العربي لا تزال هي الغالبة، والدليل أن ميقاتي أكد الطلاق وعززه بخبرية المرأة المطلقة مكملا فيها سلسلة قصص الضفدعة والحفاضات، فيما كان رصاص الطائش القاتل ينهمر من الضاحية على الحازمية والمحيط. لذا، ايها اللبنانيون، تمسكوا بالانتخابات كوسيلة وحيدة باقية للتغيير، وما ترجعوا تنتخبون هني ذاتن.