القلق يقض مضاجع اللبنانيين من الوضع الحالي المزري ومن المستقبل الغامض. وفيما اليأس يلون بالرمادي والأسود ايام الأعياد ويجعلها بفعل الإهمال والتخبط الرسمي ايام قهر وانكشاف بائس لقدرات المواطنين المتآكلة، أطل رئيس الحكومة المعطلة عن العمل امام وفد نقابة المحررين مطمئنا شعبه المكبل بالأزمات بأن هناك قرارا دوليا بمنع سقوط لبنان, جازما بوجود مظلة داخلية وخارجية تحمي عمل الحكومة.
وبرر ميقاتي عدم لجوئه الى الاستقالة، بأن الاستقالة ستتسبب بالمزيد من التدهور وقد تؤدي الى إرجاء الانتخابات. وعن عدم دعوته لاستئناف اجتماعات مجلس الوزراء، اعتبر أن الخطوة إن لم يسبقها حل للأزمة الراهنة, فإن فريقا لم يجرؤ على تسميته، وهو حزب الله, سيعتبرها تحديا قد يستتبعه باستقالات من الحكومة، لذلك أنا لن أعرض الحكومة لأي أذى.
الناس والدول الذين سمعوا هذه المواقف قالوا في سرهم والعلن، إنك يا سيد ميقاتي، بإحجامك عن أخذ المبادرة ستوقع لبنان في كل ما تدعي أنك تسعى لحمايته منه.
نعم، السيد رئيس الحكومة، كما في التانغو، حماية وطن تحتاج الى أن يكون الفريق الذي تتجنب استفزازه، يشاطرك جزءا ولو ميكروسكوبيا من نفس الهواجس.
في السياق، هل تساءلت يوما يا سيد ميقاتي لماذا لا يهتم الثنائي بألا يستفزك ويتحداك انت وكل اللبنانيين، بمواقفه المدمرة للمؤسسات والاقتصاد والدولة والعلاقات مع الدول، بدءا بالأسرة العربية؟ لماذا هو لا يفكر إلا في تحقيق مصالحه ومصالح إيران، وخلفه تزحف حاشية من المستفيدين المحليين الصغار الطامحين الى المواقع والرئاسات، في دولة لم تعد موجودة ؟. والسؤال الأخير، هل قرأت الرسالة التي وجهها انطونيو غوتيريش الى الشعب اللبناني وهل تحضرت للاستماع الى تقريعاته الأحد، عندما يحط في لبنانك المحتضر؟
تزامنا، ما انتظرناه عبثا من رئيس الحكومة والرئيسين الآخرين القابضين على عنق لبنان، جاءنا كريح دافئة من مجلس القضاء الأعلى، مع إعلان رئيسه سهيل عبود بهدوء الواثق أمام ثلاثة وثلاثين قاضيا جديدا أقسموا اليمين، إذ قال: إنه زمن تكريس استقلالية القضاء.
وقد جاء موقفه في وقت تنشغل كل أفاعي المنظومة بنسج التسويات لإطاحة القاضي بيطار والصرح القضائي، ولو أدت المؤامرة الى إسقاط الدولة.
الموقف الزاخر بروح المؤسسات ، نأمل أن يلفح المجلس الدستوري فينطق اركانه بالحق في ملف الطعن بقانون الانتخاب، أي أن يبادلوا من عينوهم بنكران الجميل كما يفعل القضاة الرجال.
ايها اللبنانيون، قفوا وراء قضائكم، الملاذ الأخير، وادعموه بفرض الاستحقاق النيابي، والبقية ما تنسوها : ما ترجعو تنتخبون هني ذاتن.