الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الأحد في لبنان، في زيارة دولة إستثنائية تمتد على أربعة ايام. زيارة الدولة تعني، ولدقة التعبير، أن الضيف يعطي أهمية قصوى للبنان الذي فقد كل مواصفات الدولة ويكاد يزول عن خريطة الأمم المتحدة والعالم. ما هو محسوم أن غوتيريش سيواجه من قبل المنظومة بإنكار جماعي لكل ما سيوجهه إليهم من ملامة على تقصيرهم في إدارة شؤون الشعب والدولة. والردود التي سيسمعها منهم ، سمعها قبله الرئيس الفرنسي وكل المبعوثين الدوليين الذين زاروا لبنان بعد جريمة تفجير المرفأ.
أما في الشأن المحلي الضيق فستنقسم المنظومة: رئيس الجمهورية سيحمل رئيس الحكومة ومن سبقه من رؤساء حكومات، ورئيس مجلس النواب مسؤولية الانهيار، وسيرد هؤلاء التهمة إلى رئيس الجمهورية بأحسن منها. لكن الجميع سيدافعون عن حزب الله وسينكرون سيطرته على الدولة وعلى قراراتها السيادية وسيبررون ضعفهم أمام سطوته، ولا ننسى في الإطار تصريح الرئيس عون الذي أكد فيه لصحف عالمية وعربية أن حزب الله لم يستخدم سلاحه في الداخل، وهو يحترم مندرجات القرار 1701 جنوب الليطاني، أي أن الحزب لم يغز عين الرمانة ولا يحفر الأنفاق في الجنوب ولا يخزن الصواريخ ولا يحد من حركة قوات اليونيفيل ودورياتها تحت غطاء حماية خصوصيات الأهالي.
اذا، غوتيريش سيشاهد بأم العين، ورشة تدمير كل ما يطالب المجتمع الدولي المسؤولين اللبنانيين القيام به لحل أزمات لبنان المالية والاقتصادية والأمنية والسيادية والقضائية والدبلوماسية. فالمنظومة لن تتمكن من كتم ضوضاء الضغوط السياسية التي تمارسها على المجلس الدستوري لتعطيل الانتخابات أو تشويهها، ويوم الثلثاء موعد لفظ المجلس الدستوري قراره بالطعن بالانتخابات سيكون غوتيريش في لبنان.
والمعركة الضارية التي يشنها حزب الله على المحقق العدلي لتعطيل التحقيق في جريمة المرفأ لن تنتهي فصولها قبل مغادرة غوتيريش، وكذلك خنق الحكومة ومنع مجلس الوزراء من الاجتماع، أمران سابقان لوصول غوتيريش وسيستمران بعد رحيله، والمساعي المبذولة لفك أسر الحكومة لن تمر إلا على حساب العدالة والسلطة القضائية برمتها.
أما عملية سرقة الناس ونهب أموالهم واستشراء الفساد فصارت كسمعة فاجرة لا تجمل ولا تخفى. من هنا، لا يصعب التنبؤ بأن غوتيريش الذي ينسق مع الفاتيكان، سيوظف زيارته لخدمة اللبنانيين وتخصيصهم بما يساعدهم على الصمود في وجه الجوع والمرض، ما يوفر لهم الحد الأدنى من مستلزمات الحياة. ما تقدم يعني، ان على اللبنانيين ابتداع سبل خلاصهم بأيديهم، وأقرب السبل السلمية المتاحة أمامهم هي الانتخابات، لذلك تمسكوا بها ايها اللبنانيون وما ترجعو تنتخبون هني ذاتن.