انها جمهورية الوجوه السوداء، والغرف السوداء، والصفقات السوداء.
فالوجوه ذات التاريخ الملوث بكل انواع الفساد والافساد نشطت في اليومين الفائتين، وعقدت اجتماعات مطولة في الغرف المغلقة لعقد صفقة مشبوهة، اقل ما يقال عنها انها مهينة بحق الناس والجمهورية والحاضر والمستقبل.
المنظومة الحاكمة، المسؤولة بشكل او بآخر عن جريمة تفجير المرفأ، قررت ان افضل شيء يمكن ان تفعله للهرب من تحقيقات المحقق العدلي هو ضرب الجسم القضائي ككل عبر تغيير قضاة الصف الاول، مقابل قبول المجلس الدستوري الطعن الذي تقدم به التيار الوطني الحر. اذا، البطلان الاساسيان للصفقة المشبوهة معروفان: التيار من جهة وحزب الله من جهة ثانية .
هكذا تكثفت الاتصالات بين جبران باسيل ووفيق صفا وصولا الى صفقة “تقبع” قضاة الصف الاول وطارق البيطار من جهة، و”تطير” انتخابات المنتشرين من جهة ثانية. والاتصالات بين باسيل وصفا لن تتوقف لأن باسيل يخشى الخسارة المحتمة في حال اقتراع المنتشرين في دائرته الانتخابية، ولان صفا الذي زار العدلية مهددا متوعدا لم يبلع بعد كيف سقطت رغباته وطلباته امام جدار قصر العدل في بيروت
اللافت حتى الان ان معظم الاطراف السياسية تنفي وجود صفقة سياسية – قضائية ، فيما كل المعلومات تتقاطع عند تأكيد وجودها، مع خلاف حول تفصيل واحد، كذلك حول قدرة طرفين على السير بالصفقة .
التفصيل المختلف عليه ان المطروح هو تطيير رئيس مجلس القضاء الاعلى ومدعي عام التمييز و المدعي العام المالي ورئيس هئية التفتيش القضائي، اي القضاة الاربعة الكبار.
لكن بري رفض تطيير المدعي العام المالي الذي يعتبر ان لا علاقة له بما يحصل, من جهة ثانية نجيب ميقاتي وجبران باسيل تخوفا من تمرير الصفقة. فالاول يدرك ان ثمن تمريرها هو اثارة غضب المجتمعين العربي والدولي عليه، ما يحرمه الدور المميز الذي يلعبه حاليا في الداخل كمرضى عنه من الخارج!
اما جبران باسيل فيخشى كثيرا من نتائج الصفقة على شعبية التيار لدى الرأي العام المسيحي، وخصوصا ان عرقلة تحقيق المرفأ تشكل خطا احمر في وجدان اللبنانيين عموما وفي وجدان المسيحيين خصوصا.
مبدئيا اذا الصفقة لم تمر، لكن النيات المبيتة السيئة ظهرت الى العلن، وتأكد للجميع مرة جديدة ان كل اركان المنظومة لا يريدون لا قضاء ولا دولة ولا مؤسسات، بل يريدون مصالحهم الصغيرة فقط لا غير.
لذلك ايها اللبنانيون ، لا تنسوا كل ما يحصل اليوم، ولا تنسوا عندما تصبحون امام صندوق الاقتراع, الوجوه السوداء والغرف السوداء والصفقات السوداء، واوعا ترجعو تنتخبون هني ذاتن.