لا يسع اللبنانيون وسط السقطات المخزية والمتكررة التي توقعهم فيها المنظومة إلا إن يشكروا المجلس الدستوري على السقطة التي ارتكبها اليوم، بإسقاطه الطعن المقدم من التيار الوطني الحر بقانون الإنتخاب المعدل الرقم 8 على 21 .
لا يمكن تصور الكارثة التي كان سيحدثها القبول بالطعن إلا عندما نستفيق من سكرة النكايات والأنانيات لنكتشف أن منظومة متحكمة بالسلطة والتشريع أقصت بشطحة قلم حق ربع مليون لبناني منتشر بانتخاب ممثليهم في الوطن الأم .
وليس أقل إثارة للدهشة والمفاجأة من إسقاط الطعن سوى أنه جاء نتيجة سقوط دومينو الشر الذي كانت المنظومة تبنيه كتوليفة متفجرة شاملة تتيح لها ، لو نجحت ، بأن تسقط التحقيق في جريمة المرفأ عبر اقتلاع القاضي البيطار ، ومن ثم الإلتفاف على الجسم القضائي برمته ، كما تمكنها من تشويه قانون الانتخاب أو تطييره إذا دعت الحاجة ، بما يؤسس في ما بعد لتعطيل كل الاستحقاقات وصولا إلى رئاسة الجمهورية . كل هذا في ظل حكومة مجمدة محنطة ممنوعة من الإجتماع ، ولو لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من اللبنانيين، والحفاظ على ما بقي منتصبا من جدران عمارة الدولة
من الجيد أيضا في هذه العجالة، أن نسمع أركان المنظومة ينكرون طفل التسوية الذين كانوا يتناوبون على إنجابه حراما في ليل دامس وفي وضح النهار بعدما كشفهم الميقاتي برفضه . علما بأن القريب والبعيد يعرفان بأن ابتلاع المنظومة مؤامرتها هو إنكفاء تكتيكي وليس تراجعا ولا ندما، وزيارات وفيق صفا في مباراتي الذهاب والإياب الى البياضة وغير البياضة للتحريك ومن ثم الاستيعاب واضحة المرامي والأهداف، وأول بوادرها تجديد تعطيل اجتماعات مجلس الوزراء الى أجل غير مسمى قد يمتد الى نهاية العهد .
والمسخرة المعيبة ، أن كل هذه الجرائم ترتكبها المنظومة على مرأى ومسمع الأمين العام للأمم المتحدة المتواجد في بيروت. وما أزعج المنظومة سيد غوتيريش ليس انكاشفها بل لإن أركانها لم يتجرأوا على القول لك بأنك أطلت زيارتك الى لبنان وبأنك تؤخرهم عن استكمال ورشة هدم البلد براحة ومن دون رقيب يقرع لهم ويمطرهم بالنصائح والتحذيرات . نعم لقد أزعجتهم وأنت تضع باقة الزهر على البلاطة التذكارية لضحايا المرفأ، وقد رفضت أن يغطيك مرافقوك بمظلات تحميك من المطر المنهمر، هم الذين تقاعسوا عن تفقد موقع البركان في عز صيف آب. أيها اللبنانيون، لقد نجا الاستحقاق الانتخابي بأعجوبة ، لكن حمايته من المطبات التي لا تزال تتربص به واجبة، والمشاركة فيه بكثافة عمل مقدس، بشرط ما ترجعو تنتخبون هني ذاتن.