انها الكلمة الغامضة والسحرية في آن ، التي ستتردد كثيرا في المرحلة السياسية المقبلة . فالرئيس نبيه بري ، في كلمته التي ألقاها أمس في ذكرى تغييب الامام موسى الصدر ورفيقيه ، نجح في تحريك المياه الراكدة على صعيد الملف الرئاسي . لكن التحريك امر ، والنجاح امر آخر . اذ لا يبدو ، الى الان على الاقل ، ان المبادرة المرتكزة على حوار يمتد لسبعة ايام قبل البدء بجلسات مفتوحة لانتخاب رئيس ، ستبصر النور حقا ..
فالقوات والكتائب وتجدد وبعض التغييريين المستقلين رفضوها ، واعتبروها التفافا على الدستور ، وهروبا من تطبيق احكامه ، التي لا تنص على حوار لانتخاب رئيس بل على اجراء دورات انتخابية متتالية حتى تصاعد الدخان الابيض من البرلمان . فهل يعني رفض قوى المعارضة لحوار بري ، ان المبادرة أجهضت قبل ان تولد ؟ وبالتالي كيف سيتصرف الرئيس بري ازاء الرفض ؟ هل يتجاوز مبادرته ويدعو مجلس النواب الى عقد جلسة لانتخاب رئيس ، ام يتحجج برفض المعارضة فلا يدعو الى جلسة انتخابية ، فيطول الفراغ بحيث يصبح ملف الرئاسة الاولى مرتبطا كليا ونهائيا بالتطورات الكبيرة التي تحصل في المنطقة ؟
ومع الدعوة الى الحوار، انشغل الوسط السياسي بالزيارة التي قام بها وزير خارجية ايران الى لبنان، والتي لم تمتد لاكثر من اربع وعشرين ساعة. اللقاء الاهم لعبد اللهيان لم يكن لا مع وزير الخارجية عبد الله بو حبيب ولا مع الرئيس بري، بل مع الامين العام لحزب الله، وهو اجتماع انعقد ليل امس.
وبمعزل عما تم التداول به في الاجتماع، لكن الثابت ان التهدئة هي عنوان المرحلة ايرانيا، ظاهرا على الاقل. فعبد اللهيان اكثر من الحديث في الاعلام عن تطور العلاقات مع السعودية، وانعكاس ذلك على الوضع اللبناني. كما اكثر من الحديث عن رفض ايران التدخل في شؤون لبنان واعتبار انتخاب الرئيس شأنا داخليا بحتا. في المقابل قال عبد اللهيان بوضوح ان ايران مستمرة في دعم محور المقاومة من اجل الحفاظ على المصلحة الوطنية العليا.
كما اعلن من جهة ثانية انه يدعم اجراء حوار بين الفرقاء اللبنانيين من اجل انتخاب رئيس. فكيف يوفق عبد اللهيان بين عدم تدخله في الشؤون اللبنانية وبين اعلانه انه مع محور ضد فريق آخر؟ وكيف يوفق بين قوله ان الرئاسة شأن داخلي وبين انحيازه الى حوار يدعو اليه الرئيس بري وترفضه قوى المعارضة ؟ فهل هكذا تفسر عبارة عدم التدخل في القاموس الايراني؟.