طرابلس والمنية جرح قديم جديد واختبار قديم جديد للحكومة اللبنانية وللجيش وللقوى السياسية. أما المسؤولية فتقع على الحكومات المتعاقبة على الأزمة المتناسلة في عاصمة الشمال والقوى السياسية بالتكافل من انغمس منها في تغذية التطرف والأحقاد ومن أدار ظهره للمدينة ومن استغلها من قوى حليفة لسوريا.
أما الضحايا والشهداء فهم عناصر الجيش اللبناني الذين يرمون في أتون المعارك لتسكير الفجوات الناجمة عن التقصير السياسي والأهالي في أبنائهم وأرزاقهم والسلم الأهلي. والمؤسف في ما يحصل أن الدم المراق لا يستدعي التعقل بل يستثير الجدالات عن البادئ ، هل هي الدولة صاحبة اليد الغليظة على أهل السنة دون غيرهم كما يشتكي هؤلاء أم تصاعد الخطر التكفيري واستحالة استئصاله بغير القوة كما يقول أولئك؟
هذا في أروقة السياسة ودهاليزها أما على الأرض فمنطقة باب التبانة بأزقتها ودهاليزها والمناطق المحيطة ومنطقة المنية تحولت الى ساحات حرب حقيقية. الجيش يوسع انتشاره فيها لكن عمليات الكر والفر مع المسلحين تبدو باهظة الثمن إذ جاءت الحصيلة عشرة شهداء وعشرات الجرحى من العسكريين. والمقلق أن المعارك تبدو بلا أفق ان لجهة مدتها الزمنية او لجهة رقعتها الجغرافية بسبب القصور الكبير في المعالجات السياسية قياسا على خطورة ما يحصل.
أهالي العسكريين المخطوفين لدى الارهابيين أصابتهم شظايا معارك الشمال إذ هدد خاطفو أبنائهم بتصفية عدد منهم إن لم ينسحب الجيش من طرابلس والمنية .