IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار تلفزيون “أم تي في” المسائية ليوم الأحد في 26/01/2020

الأسوار وجدران الفصل وخطوط الدفاع تبنى وترفع بين دول متخاصمة وبين شعوب متناحرة، وكيانات لا يجمع بينها غير ظلم التاريخ وقساوة الجغرافيا. هذا هو الحال بين إسرائيل، الكيان الغاصب، والشعب الفلسطيني المقهور، وكلما رجعنا في التاريخ تكثر الأمثلة البشعة، من جدار برلين إلى سور الصين العظيم. فهل هذه هي حقيقة الواقع بين الحكومة وشعبها في لبنان؟، وهل مقبول أن اللبناني الذي صنع اتفاق الطائف كنقطة على سطر الحرب الدامية، بعدما خبر متاريس الفصل وخطوط التماس والإقتتال الطائفي والتذابح لحساب الغير؟، هل مقبول أن يجد نفسه بعد كل التضحيات وأفعال الإيمان بالدولة والإستشهاد من أجل مشروعها، أن يستفيق يوما ليجد أن دولته قد سجنته وراء الجدران الإسمنتية، لا لشيء إلا لأنه يحرص على تثبيت دعائمها وتجديد ثوبها لتصبح هي وحدها ومن دون شريك سيدة أرضها وجوها وبحرها؟.

إنه لمعيب حقا، أن تستسهل السلطة ضرب الناس التواقين إلى الأفضل، وأن تبني جدرانا وأسوارا مخجلة بينها وبينهم على مرأى من العالم المندهش، الذي يستهجن لجوءها من دون مبرر إلى الخيارات الخشنة المدمرة، بدلا من الإنصات إلى شعبها وأصدقائها، وسلوك الطرق الخلاصية المؤدية إلى إخراج البلاد من أزماتها القاتلة.

في أجواء الحصار هذه، تنعقد خلف أسوار وسط العاصمة، جلسات الموازنة لإقرارها، بل لتهريبها. وفيما يتمنى العقلاء أن تؤجل السلطة الجلسة، وتعطي الأفضلية لجلسة الثقة بالحكومة الجديدة احتراما للأولويات الدستورية، يبدو ان لا حياة لمن تنادي، فمكابحها تعطلت ولا عودة متوقعة إلى الوراء.

في الإطار، علمت ال”أم تي في” أن التعجل في إمرار الموازنة قبل الثقة، الغاية منه تحميل مساوىء الموازنة للحكومة الراحلة، وسط كلام لوزير المالية الجديد وصف فيه موازنة 2020 بأنها موازنة الأمر الواقع، التي لا يسمح الوقت لا بتوقيفها ولا بتعديلها ولا بإعداد أخرى بديلة منها.

والفذلكة الأغرب أن الحكومة الجديدة لا تعترف بموازنة الحكومة التي سبقتها، ولن تقبل أن تحاسب على ما لم ترتكبه، علما بأنها من رحمها ولدت، حتى قيل في احتفاليات التسليم والتسلم إنها تسلمت مقاليد الحكم من نفسها. والأفدح أن الحكومة الوليدة ستدير البلاد على أساس أرقامها “يعني صراحة ما عم نفهم”.

وسط هذا الضياع، الثابت أن اللبنانيين سيواجهون الانقلاب في الشارع، وإذا نجحت السلطة في قمعهم، فإن السلطة المعنوية لهذه الحكومة لن تتجاوز الأسوار التي اختبأت وراءها، والإمعان في الهروب إلى الأمام سيعمق غرق البلاد في بحر الأزمات، من الافلاس إلى المجاعة فالفوضى.. حمى الله لبنان.