قبل تشكيل الحكومة كان السؤال من يوقف انهيار ثلاثي الشعب والدولة والوطن، وبعد تشكيلها هل يمكن أن يبقى السؤال هو نفسه؟ من الأداء الحكومي العام بعد التشكيل يسجل اللبنانيون والدول الصديقة كثرة حركة وكثير من النوايا الطيبة لدى معظم الوزراء، لكن لا الإفراط في الحركة ولا النوايا الحسنة منعا دولة من الانزلاق الى جهنم. المراقبة اللصيقة للحكومة تؤكد غياب العمل الجماعي لصالح “بعطة” وزارية غير مثمرة، وهذا يدل الى غياب وحدة الرؤيا بين المكونات الوزراية لخريطة الطريق المفضية الى الانقاذ، ولا داعي، في هذه العجالة، للتذكير بالخلاف العميق بين صقور التركيبة، على كيفية اصلاح قطاع الكهرباء، وحول الوفد غير الموحد لمفاوضة صندوق النقد، وكيفية التعاطي مع القطاع المصرفي، هل نعيد هيكلته أو نصلحه، وحول كيفية التعامل مع أموال المودعين. وهذا غيض من فيض المشاكل، واللائحة الخلافية تطول.
نقطة واحدة تتوافق عليها مكونات الحكومة وتتلخص في العمل على نسف التحقيق العدلي وعرقلة المحقق في قضية انفجار المرفأ، إضافة الى التحايل المكشوف لتشويه الاستحقاق الانتخابي أو تأجيله. أما العقدة الأصعب فتتظهر في الشؤون السيادية، من مفاوضات ترسيم الحدود البحرية الى الحدود البرية والبحرية الفالتة، وصولا الى استباحة دويلة حزب الله الدولة بمازوتها وسلاحها الكاسر التوازنات الداخلية، وإمساكها بقرار الحرب والسلم.
هذه العورات الخلقية والأخلاقية، معطوفة على إذعان الدولة لسطوة حزب الله، تصعب تسويق لبنان لدى الدول الراغبة في مساعدته، فكيف بتلك التي لا ترغب في ذلك؟ ومن لا يوافق على هذا التوصيف، نحيله على الزيارة الصعبة التي يقوم بها وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان إلى السعودية، حيث يستخدم كل رصيده ورصيد دولته لإقناع المملكة بإعادة وصل ما قطعه بعض اللبنانيين معها من صلات حميمة وعلاقات أخوية تاريخية، علما بأن لودريان سيتلقى دعما من نظيره الأميركي الذي يزور المملكة أيضا. وما يصعب الزيارة أكثر هو حضور وزير الخارجية الإيرانية حسن أمير عبد اللهيان إلى بيروت الأسبوع الطالع لدعم الحزب ضد الدولة، وقد سبقه هاشم صفي الدين رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله بالإعلان بأن حزب الله لم يخض بعد معركة إخراج أميركا من أجهزة الدولة اللبنانية، ويكفي أن يكون عنى بكلامه الجيش وقوى الأمن لنعرف خطورة ما يعده الحزب للدولة. وسط هذه الأجواء يحط المبعوث الرئاسي الفرنسي بيار DUQUESNE في بيروت لحض المسؤولين على إنجاز ما وعدوا به من إصلاحات ومشاريع كي تتمكن فرنسا من إقناع دول سيدر، وباريس، وروما بصرف ما تعهدت به من أموال ومشاريع بما يعوم لبنان ويعيده من بحر الظلمات. وبما أن لا ظلمات ولا ظلام من دون ظلاميين، نرجوكم أيها اللبنانيون أن تناضلوا من أجل إجراء الإنتخابات، بس.. ما ترجعو تنتخبون هني ذاتن.