لو كان الكلام الذي ينوي الرئيس عون إطلاقه الاثنين من الصنف الخلاصي الذي يشكل عيدية للبنانيين، لكان نطق به أمس من بكركي أو اليوم والعيد في ذروته، لكنه من الصنف الصدامي الذي سيسقط فيه على ما يبدو نظرية “ما خلونا” ليحل مكانها شعار “نسف الثنائي عهدي”، ملحقا بذلك حزب الله بباقي القوى التي يعتبر العهد وتياره بأنها منعته من تحقيق الانجازات والنجاحات. الجديد في النقد الرئاسي انه سيوجه سهامه ضد الحليف الشيعي الأقوى ليظهر في موقع المسيحي المدافع عن مصالح طائفته، وليبين للمعارضة وللدول الغربية والعربية بأنه ليس تابعا للحزب من دون أن ينتقد طبعا تورطه المتجدد والمكشوف في اليمن، والذي أكده تحالف دعم الشرعية في اليمن، ومن دون نسف اتفاق مار مخايل طبعا. الرئيس يقصد من وراء هجومه، تقديم اوراق اعتماد جبران باسيل الانتخابية والرئاسية، للبنانيين وللدول المعنية بالواقع اللبناني، وخصوصا الولايات المتحدة التي تفرض عقوبات على باسيل من شأن بقائها أن ينسف حلمه بخلافة عمه في قصر بعبدا. ويضيف المتابعون للحراك المحموم الذي يشهده القصر الرئاسي، والمرشح أن يزداد سخونة وتوترا كلما اقترب الاستحقاق النيابي، ومن بعده الاستحقاق الرئاسي، أن الرئيس عون وفريقه والتيار الوطني الحر يضعون اللمسات الأخيرة على الخطة “باء” التي تلحظ بقوة عدم مغادرة الرئيس عون القصر بعد انتهاء ولايته، مع ما يتطلبه الأمر من افتعالات متنوعة مختلفة المظاهر، تبدأ بالبدع الدستورية غب الطلب، لتصل الى كل ما يحتاجه تطويل الولاية من احتياجات ولوجستيات.
ويوصي المتابعون اللبنانيين بألا ينساقوا وراء صوتيات كلام الاثنين ولا الى تعابيره، وبأن يركزوا على عمق المقاصد الرئاسية ليكتشفوا بأن الرئيس، ولتنفيذ مشروع البقاء أو تأمين المكان لخليفته يحتاج أولا وأخيرا ودائما الى حزب الله، ما يعني أن مهاجمة الحزب لا تعدو كونها مناورة يكسب من خلالها الرئيس وتياره أصوات المسيحيين، ليحافظ على الأرجحية النيابية المطلوبة لتحقيق الحلم. في المقابل، وإذا لم تؤت الانتخابات النيابية الثمار المرجوة والمقاعد الوفيرة، فإن الرئيس وتياره يحتاجان الى مساعدة حزب الله بأساليبه ووسائله الإكسترا- ديموقراطية المعهودة لفرض الأمر الواقع التعطيلي وتعزيزه. المؤسف في هذا السيناريو إن صح، أنه يفترض في مطلق الأحوال استمرار تعطيل مجلس الوزراء وتعويد الناس على اختزال الحكومة بمجلس الدفاع الأعلى، وهو التعبير الملطف البديل من حكومة عسكرية. والمؤسف أكثر، أن الرئيس ميقاتي الذي أبطل التسوية الانقلابية الناسفة للقضاء، توقف عند هذه النتعة، ولم يكمل معروفه بدعوة مجلس الوزراء الى الانعقاد، ما حوله الى شريك في لعبة التعطيل مهما ارتفع امتعاضه وعلت شكواه. في الانتظار، سكرة العيد، إن كان هناك من سكرة ستتبدد بدءا من الاثنين وآلام اللبنانيين المعيشية سترتفع. لذلك، وبما أن المؤامرة تستهدف الانتخابات، ايها اللبنانيون تمسكوا بإجرائها، وما ترجعوا تنتخبون هني ذاتن.