مؤسف كيف أن المجلس النيابي يصر على الاجتماع بين فترة وأخرى ليؤكد عقم الدور وليثبت بالوجه الشرعي أن النظام البرلماني الذي قام عليه لبنان وتباهى به بين دول المحيط، انتهى شر نهاية وسقط سقوطا مدويا. وكأن اللبنانيين المحاصرين بالجوع والمرض والإفلاس كانوا يحتاجون الى جلسة كالتي حصلت اليوم، لا لشيء إلا لتدفيع الشعب المليارات ثمن العتمة، ولقوننة الشحادة من البنك الدولي من أجل إطعام الناس، في غياب أي برنامج واضح وشفاف لإيصال الأموال والكهرباء الى محتاجيهما.
والأنكى في ما حصل أن النواب والكتل المتخانقة فيما بينها على كل قضية وأمر، اتفقوا وصرخوا بصوت واحد: نحن ضائعون فوضويون عشوائيون شعبويون، لا نملك رؤية ولا تصورا للخروج من الأزمة. وإجماعهم الأكبر جاء على تحميل الحكومة الفاشلة المخدرة، مسؤولية التقصير وعدم تطبيقها القوانين التي بين يديها والتي من شأنها التخفيف من معاناة الناس إن هي طبقتها.
كل هذا والمنظومة تعرف أن حكومة دياب هي حكومتها، وأنها مثلها تصرف المال ولا تصرف الأعمال منذ أن رأت النور.
ما يؤكد على تواطؤ الطبقة المتحكمة مع الحكومة الحالية، هو التباعد المخيف بين نيات اللبنانيين التواقين الى حكومة المهمة ومطالب الدول الصديقة التي تدفع في هذا الاتجاه، والنيات التعطيلية للطبقة السياسية التي بهدلها اليوم القائم بالأعمال البريطاني من بكركي، بكلام يندى له جبين الكرام. فهؤلاء يطالبون بحكومة المهمة التي صارت تركيبتها معروفة، فيما المنظومة تعمل من أجل تشكيل حكومة بمواصفات ومكونات مغايرة ونقيضة، أي حكومة عزلة تغرق لبنان في المزيد من الأزمات بدلا من انتشاله منها.
نافذة الأمل المتبقية لإحداث تغيير إيجابي، هي تلك المفتوحة على الخارج حيث يبذل جهد دولي كبير ومنسق للمساعدة في إزالة العراقيل الإقليمية التي حالت حتى الساعة دون تشكيل حكومة، يقابله جهد داخلي متصل، يقوم به وسيط الجمهورية اللواء عباس ابراهيم ويهدف الى تدوير الزوايا وتخفيف المطالب التعجيزية وإعطاء ضمانات لرئيس الجمهورية وتياره تبدد حاجتهما الى الثلث المعطل. كما تطمئن الرئيس المكلف وتؤمن له إمكان تشكيل حكومة تستوفي الحد الأدنى من الشروط الشعبية والدولية، بحيث يتمكن من جلب المساعدات، ولا يتعرض لانقلاب الشركاء بما يعطل حكومته أو ينسفها، وقد اكتوى بالتجربتين سابقا.