من جديد: لا شيء يعلو فوق صوت الكورونا. فالفيروس الخبيث ينتشر ويتفشى في بيوتنا وقرانا وبلداتنا ومدننا في ظل تخبط رسمي واضح، وعدم وجود استراتيجية كاملة متكاملة لضبط الوضع. التصاعد اليومي لعدد الاصابات ينذر بالأسوأ.
اليوم تحركت وزارة الداخلية والبلديات بعد تلكؤ وتردد طويلين. الوزارة التي لم تطبق معظم اجراءات لجنة كورونا، او لم تتشدد في تطبيقها كما يجب، استجابت وتحركت، فقررت عزل 111 بلدة لبنانية من صباح الاحد المقبل وحتى صباح الاثنين 12 تشرين الجاري.
في المبدأ القرار جيد بل مطلوب، و أن يأتي القرار متأخرا افضل من لا يأتي أبدا. لكن المشاكل التي تعترض التطبيق كثيرة، وهي بدأت تظهر على السطح قبل أن يسلك القرار مساره نحو التنفيذ.
ابرز المشاكل: اعتراض بلديات كثيرة معنية على القرار، لأن الارقام التي قدمت عن عدد الاصابات فيها غير دقيقة ولا تنطبق على الواقع. ما يعني ان بلدات ما كان يجب ان تعزل ستعزل بالخطأ . فهل بمثل هذه الاعتباطية الفاقعة يعالج انتشار الكوورنا؟ وهل وزارة الداخلية على استعداد لمراجعة الارقام ام ان ما كتب قد كتب؟ المشكلة الثانية ان لا شيء يؤكد ان وزراة الداخلية ستطبق القرار. اذ من منا مثلا يتذكر ان قرار حظر التجول لا يزال ساري المفعول من الواحدة بعد منتصف الليل الى السادسة صباحا؟ طبعا قلة، لأن الوزارة لم تبد الجدية المطلوبة في تطبيق القرار. فهل يكون مصير القرار الاتي كمصير سابقه، فيبقى مجرد قرار على ورق ؟
لكن مشاكل القطاع الصحي الصحية لا تتوقف على الكورونا. اذ ثمة قضية اخرى برزت، تتعلق بتناقص المعدات الطبية يوما بعد آخر، ما دفع نقابة مستوردي المعدات الى رفع الصوت عاليا والى مخاطبة الرأي العام بصراحة قائلة: العالم رح تموت ببيوتها مش على ابواب المستشفيات.
سياسيا: تراجع الاهتمام بتشكيل الحكومة الى الحد الادنى. واذا لم يحصل اي طارىء غير متوقع، فان تدني الاهتمام بالتأليف سيستمر طوال عطلة نهاية الاسبوع على الاقل. علما ان الخروج من حال المراوحة لم يعد سهلا بعدما تأكد ان الثنائي الشيعي لا يريد حكومة في الوقت الحاضر، وانه يفضل الابقاء على حكومة تصريف الاعمال القائمة الى حين اتضاح الخيط الابيض من الخيط الاسود اقليميا، والى ان يحين أوان التسوية بين ايران واميركا.
وما حصل امس على صعيد الترسيم يثبت مرة جديدة ان الثنائي الشيعي وايران يفضلان التفاوض مع اميركا لا مع فرنسا، ويفضلان ان يتنازلا عندما يحين اوان التنازل لاميركا لا لفرنسا لأن التنازل لاميركا له ثمنه، اما التنازل لفرنسا فيذهب هباء. ولعل هذا ما يفسر كيف ان المبادرة الفرنسية نائمة حتى اشعار آخر على الاقل. نحن اذا في حال مراوحة قاتلة من الان الى منتصف تشرين الثاني على الاقل، وفي الانتظار الهم المعيشي يطغى، الدعم سيرفع، واسعار المحروقات سترتفع بقوة مع مجيء الشتاء. فهل نعيش نار جهنم في عز البرد؟