بأي حبر نكتب وبأي كلمات نستجدي المنظومة كي تعجل في تشكيل الحكومة ؟ ، لا لم ينقض الوقت بعد وبإمكان الضمائر إن استفاقت في ساعات هذا الليل أن تقوم بهذا الإنجاز الإنقاذي المصيري بحيث نفاجىء أنفسنا قبل أن نفاجىء مجموعة الدعم التي تجتمع من أجلنا غدا في فرنسا. نفاجئها بحكومة مهمة مؤلفة من رجال ونساء لا يخجل حاضرهم من ماضيهم ، من أهل الاختصاص غير الحزبيين . فنقول عندها، نعم سيد ماكرون بيضنا وجهنا معك ولم نسود وجهك امام شعبك وأمام زعماء العالم الذين جمعتهم على عاتقك من أجل انتشالنا مما نحن فيه من مصائب .
نعم ، ها نحن قد تجاوزنا الأنانيات والخلافات و الأطماع ، وغلبنا المصلحة الوطنية العليا على مصالحنا الخاصة ، وبتنا جاهزين لتلقف المساعدات المالية والقروض ، وليس المساعدات الإنسانية التي تختلط فيها الإعاشة بالإهانة لأننا لم نكن في قدر الثقة ولا في مستوى الكرم الدولي معنا. أليس جميلا ومشرفا ان يواجه الرئيس المكلف العالم بحكومة بهذه المواصفات ؟ ، أليس أسهل وأجمل أن يواجه رئيس الجمهورية مجموعة الدعم بخطاب مليء بالقرارات الإنقاذية التنفيذية والعملية بدلا من الخطاب التبريري التقليدي لعدم تشكيل حكومة ؟. بكل أسف شيئا من هذا السيناريو الوردي لن يتحقق ، فأهل المنظومة لا يزالون في المربع الأدنى من الصفر، يصرفون الوقت الثمين على الحصص والمعايير فيما البلاد تنهار.
أمام الامتناع عن الإقدام على التشكيل ، يسعى بعض السلطة الى خطوات تعويضية يعتقد أنها تغش العيون الدولية المعنية بإنقاذ لبنان ، والتي تنتظر خطوات جدية تطلق عجلة الاصلاحات وتحارب الفساد وتفتح الباب أمام التدقيق الجنائي محصنا بالقوانين الضرورية . لكن هذه التعمية لن تمر لأن المطلوب واحد : حكومة مهمة مكتملة الأوصاف. في مقابل التقصير الرسمي اللبناني ، سجلت اليوم جملة أنشطة لممثلي صندوق النقد الدولي والاتحاد الاوروبي والامم المتحدة تدل على اهتمام المجتمع الدولي بلبنان ، إذ ابلغ هؤلاء الرئيس عون عن مشروع إطار للاصلاح والتعافي وإعادة الإعمار قيمته ملياران ونصف المليار دولار إن أنجزت السلطة الفروض المطلوبة منها .
تزامنا كان يان كوبيتش يدعو وزير المال الى إنجاز موازنة واقعية عصرية إصلاحية للعام 2021 لأن البلاد لا يمكنها النهوض من دونها ، لكنه ذكر ان لا موازنة طبعا من دون حكومة . وإذا لم يكن ما تقدم حافزا للتحرك ، فهل يحرك المنظومة “كرباج ” تقرير البنك الدولي الذي حذر من التباطؤ الخطير في الإقتصاد ، والذي سيلامس هذا العام العشرين في المئة , في وقت سيصبح اكثر من نصف السكان تحت خط الفقر بحلول العام المقبل؟.الى جانب الأوضاع الاقتصادية ، أعلن البطريرك الراعي العائد من لقاء مع البابا فرنسيس ان مشكلة لبنان تكمن في مخالفة الدستور والميثاق ، ورفض ان يكون لبنان ورقة مساومة في اي حل اقليمي او دولي ، وكرر مطالبته بالحياد الناشط ودعا الى تشكيل حكومة من دون شروط.