يا أهالي ضحايا المرفأ وكل المتضررين من هول بركان الرابع من آب، لقد أقصي المحقق العدلي القاضي فادي صوان عن ملف الجريمة، وعين له محقق جديد هو القاضي طارق بيطار.
حتى الساعة، ولو كنا في دولة قانون كان التدبير عاديا وشرعيا لا تشوبه شائبة. لكن بما أننا في شبه الدولة التي تعرفون، أثار هذا القرار شكوكا كبيرة لدى الناس، وأسال حبرا ناقدا كثيرا، ليس لتعلقهم بالقاضي المقصي ولا لشكهم بالقاضي الآتي، بل لجهة توقيت القرار.
إذ جاءت لحظة بدأ القاضي صوان جلاء الحقائق واستدعاء الرؤوس الكبيرة في الداخل وخارج الحدود، وتحديدا بعض المقربين من النظام السوري. وما أثار الريبة المشروعة لدى الناس هو لجوء المنظومة السياسية وبشكل مكشوف، الى إطاحة صوان لما حرك الملف ، فيما لم تحرك السلطة ساكنا يوم كان الملف نائما، وكأن المطلوب من القاضي، أي قاض، أن يميع الحقيقة لا أن يبحث عن المجرمين.
وما يثير الريبة أكثر، أن اللبنانيين يخشون أن يكون المحقق الجديد، قبل ما رفضه زميله المقال، لأنهم لا يثقون بالسلطة ولأنهم واثقون من أن المنظومة لا تريد أن تلدغ من قاض مرتين.
سياسيا، البحث عن تشكيل الحكومة صار مستحيلا، تماما كالبحث عن القتلة، لأن المنظومة مهتمة بمعاركها الجانبية، فبعدما همدت النار التي أشعلها خطاب الرئيس الحريري في 14 شباط، يطلق رئيس “التيار الحر” جبران باسيل الأحد نيرانا كثيفة على الرئيس المكلف، على قاعدة: “أنت ترفع ورقة تشكيلتك المزعومة، ونحن نرفع ورقة تشكيلتنا المكتومة”. ومن الأجواء التي رشحت عن مضمون ما سيقوله باسيل الأحد، يمكن الجزم بأن لبنان سيبحر زمنا طويلا جدا بحكومة تصريف الأعمال الحالية.
اغتيال الصالح العام الناجم عن هذه العبثية، يعمق غرق الدولة والشعب في بحر المجاعة والتضخم والفقر والفوضى، ولا يبحثن أحد عن أي سبب آخر للكارثة، ولا تتأمل أيها اللبناني بالخلاص طالما هذه الطبقة السياسية هي المتحكمة بدفة البلاد.
لعل هذا الاستنتاج الذي تحول قناعة راسخة لدى البطريرك الراعي والقوى المجتمعية الحية، هو الذي دفعهم الى طرق أبواب العالم بحثا عن الدعم، من زاوية أن لبنان مخطوف ومهدد، يتحتم إنقاذه من خاطفيه.
وسط هذه الفوضى، خبر مطمئن: وصول دفعة جديدة من اللقاحات المضادة لكورونا.